تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها الهائمون في البيد، النائمون على الذل المبيد، الراضون بعيشة العبيد , على البرير و الهبيد (2) لن تزالوا كذلك أبد الأبيد، لا عمر لُبَدِ أو لبِيد، حتى تعملوا بقول الشاعر: و مَن، و مَن، فهو دين كل زمن (3).

كتب الله أن الصداقة مطويّة على العداوة، و أن الحضارة متصلة الطرفين بالبداوة، و أن في الإنسان جبلة من الحيوان، مازال في النزوع إلى أصلها غيرَ وان، و أن الضعيف طعام للقوي، و أن الرشيد في أبناء آدم مجرور بالغوي، و أن من لم تُبسط يدك لتقتله بسط يده لقَتْلك، و أن من قصرت في ختله جدّ في ختلك.

****************

ثارٌ للغرب في فلسطين، لم تنبُت عليه شجرة من يقطين، و شياطين تنزو للإغراء إثر شياطين، و يوم في أعناقكم بيوم حطّين، تنسيه غريزة الماء و الطين، فتذكره نُعرة الجنس و الدين، أنسيتم يوم تنادوا مُصْبِحين، و تعادوا مسلّحين، و تداعوا مصطلحين، و تعاووا من كل حدب، و تهاووا من كل صبب، ذؤبان , تقدمها رهبان، و غِربان تظلِّلها صلبان، بنفوس من الحقد ثائرة، و قلوب بالبغضاء فائرة , تنازعكم إرث الإسلام، و معراج نبي السلام؟ أنسيتم ما فعله صلاح الدين؟ بالمعتدين؟ إن نسيتم أمسكم فهم له ذاكرون، و إن كفرتم بيومكم فهم له شاكرون , أين كنتم يوم أعطوا العهود لليهود؟ أم أين كنتم يوم جاءوكم بالفهود في المهود؟ أم أين كنتم يوم آمنوا بإسحاقَ و كفروا بهود؟ كلّ ذلك وقع و أنتم شهود، و لكنهم كانوا أيقاظا و أنتم رقود، أمعنوا في الاستعداد و أمعنتم في الرُّقاد، اعتمدوا على العلم و (الريال) و اعتمدتم على الجهل و الخيال، جاؤوكم بصف واحد كملمومة الصخر، و جئتموهم بصفوف متخاذلة، جاءُوكم على قلب رجل واحد، و جئتموهم بقلوب متنافرة، قادَهم إلى الظفر قائد واحد و رأيٌ جميع، و قادكم إلى العار قوّاد متشاكسون و رأيٌ شتيت، ما أضاع السيادة إلا توزيع القيادة، اجتمعوا و افترقتم، فسَلِموا و احترقتم.

تالله ما ضاعت فلسطين اليوم، و لكنها ضاعت يوم وُعدوا بها، فركنوا إلى العمل، و ركنتم إلى الكلام، بل ضاعت قبل ذلك بقرون، منذ نبت قرن صهيون، فتماريتم بالنذر، و لم تأخذوا الحذَر.

لا تقولوا إن شرّ دين، ما جرّ التشريد للمتشرّدين، فإن شرًّا منه عقلكم الذي جرّ العار للعرب أجمعين، و كرّ بالخزي على جميع المسلمين.

***********************

جاء النصر , من مصر، فلماذا تخلَّفت البصرة عن النصرة؟ قلب وجَف , بالنَجف، بعد ما رقأ الدمُ و جفّ، و آخَرُ خفق بالمنتفق، بعد مغيب الشفق , و افتراق الرّفق، ما أغنى الخفوق من قلب الشَّقوق، و ما أجدى الوجيف , بعد ما سدَّ الباب و أجيف (4).

أيها العرب: بعضكم أبرار، و جلكم أشرار، و كلكم أغرار ...

كاهن الحي.

ـــــــــــــــــ

• نشرت في العدد 75 من جريدة " البصائر"، 11 أفريل سنة 1949.

1. مجلس الأمم المتحدة على الباطل.

2. البرير: ثمر الأراك، و الهبيد: حب الحنظل.

3. إشارة إلى قول زهير في معلقته: و من لم يذد عن حوضه بسلاحه ... الأبيات.

4. أجيف الباب: أغلق مصراعاه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير