تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[(النكبة الأمريكية .. رؤية شرعية) للشيخ عبدالعزيز الجليل]

ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[03 - 11 - 08, 12:12 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،،

فإن من أصول الإيمان بالله عز وجل التي لا يصح إيمان عبد إلا بها الإيمان بأسمائه سبحانه وصفاته وآثارها والإيمان بقضائه وقدره وأنه ما من شيء يحدث في ملكوت الله عز وجل من مكروه ومحبوب إلا والله سبحانه قد كتبه وعلمه قبل حدوثه وهو الذي خلقه وأحدثه بقدرته سبحانه وحكمته البالغة التي قد يظهر للعقول شيء منها ويغيب عنها جوانب كثيرة تعجز عن إدراكها. ومما يقضيه الله عز وجل ويقدره على عباده في هذه الأرض التي نعيش عليها بعض الكوارث من النقص في الأموال والأنفس والثمرات حيث نواصي العباد بيده ماض فيهم حكمه عدل فيهم قضاؤه. ولكن هذه الكوارث تختلف في إصابتها والحكمة منها بالنسبة للمؤمنين عنها بالنسبة للكفار , فبينما نجدها للمؤمنين لطفاً ورحمة وتطهيراً أو تكفيراً للسيئات وتنبيهاً وتحذيراً من التمادي في المعاصي لعلهم يرجعون، فإنا نجدها للكافرين عقوبة وانتقاماً ووضع حد لكفرهم وظلمهم وبطشهم وانتصاراً من الله لعباده المؤمنين المستضعفين وتثبيتاً وإظهاراً من الله عز وجل لآثار قوته وعزته وبطشه، كما أن فيها أيضاً تنبيها للكافرين على عاقبة كفرهم وظلمهم لعل بعضهم ممن أراد الله به الخير أن يتعظ ويقلع عن كفره وظلمه.

وإن ما أراه الله لعباده في هذه الأيام من قوته وعقوبته بطاغية العصر وقارون الزمان أمريكا المتغطرسة الظالمة وحلفائها الكفرة حيث الدمار الذي يحق على اقتصادهم والهلع الذي يحل بهم من جراء ذلك لهو آية وعبرة للمعتبرين يجب أن يقف عندها المسلمون ولاسيما الدعاة منهم والمجاهدون.

ومن باب النصيحة والتواصي بالحق مع نفسي وإخواني المسلمين أسوق بعض الوقفات والوصايا في ضل هذا الحدث الجسيم علها أن تساهم في تقوية الثقة بديننا وتقوية اليقين بنصر الله عز وجل لدينه وإظهاره على الدين كله ولو كره المشركون وعلها أن تسهم في تقوية الصلة بربنا عز وجل ومعرفة أسمائه سبحانه وصفاته وآثارها. فأقول وبالله التوفيق:

الوقفة الأولى:

وجوب ربط هذه الأحداث وغيرها بمقتضى أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلا ومقتضى سننه التي لا تتبدل، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأسماؤه الحسنى تقتضي آثارها وتستلزمها استلزام المقتضي الموجب لموجبه ومقتضاه، فلا بد من ظهور آثارها في الوجود، فإن من أسمائه: الخلاق المقتضي لوجود الخلق، ومن أسمائه الرزاق المقتضي لوجود الرزق والمرزوق وكذلك الغفار والتواب والحكيم والعفو، وكذلك الرحمن الرحيم، وكذلك الحكم العدل إلى سائر الأسماء. ومنها الحكيم المستلزم لظهور حكمته في الوجود، والوجود متضمن لخلقه وأمره (ألا له الخلق والأمر تبارك الله ب العالمين) [الأعراف:54] أ. هـ (الصواعق المرسلة 4/ 1564)

ما أحوج المسلمين إلى تقوية هذه المفاهيم في قلوبهم ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه التفسيرات المادية للأحداث وأصبحنا لا نكاد نسمع في وسائل الإعلام والتوجيه والتثقيف من يربط الناس وما يجري عليهم من الأحداث بالله عز وجل وتفرده في التدبير والقوة والقدرة والقهر والحكمة والرحمة والغنى وغيرها من صفات الله عز وجل العلى وأسمائه الحسنى. كما لا نكاد نسمع من يربطها بسنن الله عز وجل في التغيير وسنته سبحانه في عقوبة العصاة والظالمين وإهلاك الكافرين، وسننه سبحانه في نصره لعباده المؤمنين وانتصاره للمستضعفين.

ولو أن هذا المنهج المادي في النظرة للأحداث قد انحصر في أهل الكفر والإلحاد لم يكنه هذا غريباً لما يعيشونه من خواء عقدي وروحي ولما يتقلبون فيه من ظلمات الكفر والتصورات وعمى القلوب والبصائر قال الله عز وجل في وصفهم: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب) [الرعد:19]، فهم قد عموا عن قدرة الله وعز وجل وقهره وعما يترتب على كفرهم وظلمهم من العقوبات، وإنما الغريب أن تنتشر مثل هذه التفسيرات في إعلام المسلمين ومجتمعاتهم. ولا أدل على ذلك مما نسمعه هذه الأيام في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية من كلمات وتعليقات حول الاقتصاد في العالم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير