العربي وبنوكه ولاسيما الاقتصاد الخليجي وبنوكه وقولهم إننا بمنأى عن هذه الكارثة ولا خوف على البنوك الخليجية والمصارف العربية لأن مصارفنا منضبطة ومعاملات السوق المالي محكمة وغير ذلك من التبجحات التي تنبي عن الغرور بالنفس والتعلق بالأسباب المادية ونسيان قوة الله عز وجل وقهره ونسيان أن هذه البنوك تحمل معاول هدمها حسب السنن الإلهية من التعامل بالربا والبيوع المحرمة وغيرها من أسباب العقوبة والدمار وسينالها ما ينال غيرها إن لم تتب إلى الله عز وجل وتنتهي عن ظلمها وجشعها.
ولعل من المناسب هنا إيراد ذلك الحوار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم بين نوح عليه السلام وبين ابنه الكافر والذي يظهر في الفرق بين من ينظر بالميزان الإلهي للأحداث وبين من ينظر إليها بالموازين المادية الصرفة والمتمثل في ابن نوح الكافر، قال الله عز وجل: (ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء. قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهم الموج فكان من المغرقين) [هود:43،42].
ففي هذا الحدث الكوني الهائل والمتمثل في ذلك الطوفان العظيم الذي غطى الأرض سهلها وجبلها وصار موجه كالجبال نرى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام المؤمن بربه سبحانه وقدرته وقهره وتدبيره لكل شيء وحكمته وعدله ولطفه لما نظر إلى هذا الحدث العظيم بهذا الميزان الإلهي المستقيم دعا ابنه ليلحق به في السفينة لينجو من عذاب الله تعالى وحذره بأن لا يبقى مع الكافرين الذين لهم العذاب في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر. وهنا لطيفة: حيث قال نوح لابنه (اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) ولم يقل (مع الغارقين) أو (مع الهالكين) لأن المصيبة العظمى هي في الكفر وليست في الموت غرقاً. ثم إنه بهذا الميزان الإلهي للحدث قال لابنه (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) فليس ثمة اليوم إلا الله عز وجل الذي يعصم عباده المؤمنين ويرحمهم وينجيهم برحمته ومن كفر فلا عاصم ولا راحم له من دون الله عز وجل مهما فعل من الأسباب المادية للإنقاذ.
أما ابن نوح الكافر فإنه لما نظر إلى الحدث – الطوفان الهائل – بالنظرة المادية وفسره بأنه ظاهرة كونية تتمثل في طوفان وفيضان عظيم ولم يربطها بقدرة الله عز وجل وحكمته وتدبيره وسننه ما كان منه إلا أن ينظر إلى أسباب مادية يتعلق بها في نجاته فقال: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) وماذا أغنى عنه الجبل حين انقطعت عنه رحمة الله عز وجل؟ إنه لم يغن عنه شيئاً وإنما كانت عاقبته كما أخبر الله عز وجل (وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) [هود:43].
وأسوق فيما يلي بعض الآيات من كتاب الله ربنا سبحانه التي تبين لنا المنهج الحق والميزان العدل في التفسير الرباني لما يحدث لأعداء الله الأمريكان وحلفائهم من ظواهر كونية وكوارث اقتصادية، وهذه الآيات من الوضوح والجلاء بحيث لا نحتاج إلى تعليق ولا تفسير. ومن هذه الآيات:
· قول تعالى: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) [هود:102]
· وقوله عز وجل: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) [الكهف:59]
· وقوله سبحانه: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) [آل عمران:178].
· وقوله سبحانه: (وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير) [الحج:48]
· وقوله تعالى: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) [الرعد:31]
· وقوله تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين) [الأنعام:6].
· وقوله تعالى: (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) [القصص:59]
¥