مما ابتلى به هذا الظالم لنفسه، ونسأله سبحانه الثبات على دينه، وأن يجعل عاقبة هذه الكوارث خيراً للإسلام والمسلمين، وشراً على الكفر والكافرين.
يتبع .....
ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[03 - 11 - 08, 12:14 م]ـ
الوقفة الثانية:
وهي امتداد للوقفة السابقة. وفيها بيان أن أسباب انهيار أمم الكفر اليوم وعلى رأسها أمريكا الطاغية قد ظهرت وانعقدت منذ عقود من الزمن ولقد سقطت وانهارت كحضارة وقيم وتماسك اجتماعي منذ عقود أيضاً وحسب سنن الله عز وجل أن سقوط الأمم والدول وتفككها وضعفها يسبقه دائماً سقوط حضارتها وقيمها وأخلاقها وقد يكون بين السقوطين عقود أيضاً ولكن أكثر الناس لا يفرق بين سقوط الدول الظالمة في تصوراتها وأخلاقها وبين سقوط بنيتها وهيكلها ويختلط عليه الأمر فتراه يقول: كم من الزمن ونحن نرى ظلم أمريكا وتحللها وفسادها وما زالت قوية مهابة ونسي أن سنة محق الكافرين هي بأجل عند الله عز وجل وهي لا بد آتيه بعد أن يزدادوا إثماً وظلما كما قال سبحانه: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) [آل عمران:178]
يقول الدكتور السلمي حفظه الله: (والسنة الربانية قد تستغرق وقتاً طويلاً لكي ترى متحققة في حين أن عمر الفرد محدود، ولذلك فقد لا يمكنه رؤية السنة متحققة، بل قد يرى الإنسان جانباًَ من السنة الربانية ثم لا تتحقق نهايتها في حياته مما قد يدفعه إلى عدم إدراك السنة أو التكذيب بها، وهنا يكون دور التاريخ في معرفة أن السنة الربانية لا بد أن تقع ولكن لما كان عمرها أطول من عمر الفرد – بل ربما أطول من أعمار أجيال – فإنها ترى متحققة من خلال التاريخ الذي يثبت أن سنة الله ثابتة لا تتبدل كما قال تعالى: (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) [الأحزاب:62] أ هـ (منهج كتابة التاريخ الإسلامي ص61)
ويقول أيضاً:
(قد يرى الناس موجبات العذاب والانهيار قد حلت بأمة من الأمم ثم لا يرون زوالها بأنفسهم. وقد أوضحنا في أول الكلام عن السنن أن سنة الله لا تتخلف. لكن عمرها أطول من عمر الأفراد ولا تقع إلا بأجل محدد لا بد من استيفائه قال تعالى (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) [الأعراف:34].
وقال تعالى (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم. ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) [الحجر:5،4].
وقال تعالى: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) [الكهف:59] أ هـ (المصدر السابق)
والذي نراه اليوم من خلال أزمة الأمريكان وما يواجهونه من الكارثة الاقتصادية والاجتماعية أنهم بلغوا الذروة في الظلم وفي هذا بداية لسقوطهم وتفكك بنيانهم وضعفهم وانكماشهم حسب سنة الله عز وجل في إهلاك الظالمين بعد أن سقطوا كحضارة وقيم منذ عقود، ولقد صرح بذلك بعض مفكريهم وخبرائهم، يقول ديفد وركر (كبير مفتشي الحكومة الأمريكية) وهو ممسك بالملف الوطني الأمريكي كله: (إن الولايات المتحدة الأمريكية تقف الآن على حافة الهاوية وذلك في صورة سياسات وممارسات لا تطيقها البلاد تسببت في العجز الشديد في الميزانية والنقص الحاد في الرعاية الصحية وتزايد التزاماتها العسكرية الخارجية مما يهدد باندلاع أزمة طاحنة. إن وضع البلاد يشبه وضع (روما) القديمة قبل احتراقها وانهيارها).
وقال الفيلسوف البريطاني (جون غراي) معلقاً على الأزمة الاقتصادية: (ما نراه اليوم هو تحول تاريخي لا رجعة عنه في موازين القوى العالمية نتيجته النهائية أن عصر القيادة الأمريكية للعالم قد ولى إلى غير رجعة).
وإن انهيار أي أمة اقتصادياً يعني انهيارها سياسياً واجتماعياً وعسكرياً لأن اقتصاد أي أمة يعد عمودها الفقري وإذا سقط العمود الفقري أصاب الشلل جميع الأطراف. إذن فالذي أصاب أمريكا الآن ليس كارثة مالية فحسب وإنما هي ريح صرصر عاتية سخرها الله عليها لتأذن بنهاية المتكبرين والمتجبرين ودمارهم بإذن الله تعالى.
الوقفة الثالثة: كيف وقع الانهيار؟
¥