تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[03 - 11 - 08, 12:18 م]ـ

الوقفة الخامسة:

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

إن الهداية لدين الإسلام وعقيدته وأحكامه الشريفة التي تقوم بها مصالح العباد في الدارين لهي أعظم نعمة ينعم بها الله على عباده المؤمنين، الأمر الذي ينبغي أن يُحمد الله عز وجل ويشكر عليها بالقلب واللسان والعمل وأن يفرح به الفرح العظيم الذي يهون عنده أي فرح، وذلك كما أمرنا الله عز وجل في قوله: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) [يونس:58،57]

وإن مما يعظم قدر هذه النعمة ويشتد الفرح بها رؤية من حرمها وهو يتخبط في ظلمات الشرك والظلم والأحكام الظالمة الجاهلة. وهاهي الثمار الحنظلية للجاهلية المعاصرة تبدوا للعيان وهاهم أهلها يتخبطون كالممسوس، يخربون بيوتهم بأيديهم ونظمهم المدمرة. ومثالاً لذلك ما ظهر فيهم من الأزمات المالية التي من أعظم أسبابها أكلهم للربا الذي حرمه الله عز وجل أضعافاً مضاعفة فحصل لهم المحق الذي كتبه الله عز وجل على أهله (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) [البقرة:276]

وهاهم خبراؤهم يصيحون ويحذرون من الربا وينادون بالأخذ بنظام الإسلام المالي ويرجعون أسباب أزمتهم وسقوط النظام الرأسمالي بسببه. والمؤمن لا يحتاج إلى أن يجرب أحكام ربه بل هو مستسلم لربه عز وجل عابد له يؤقن بأن لا أحسن من حكم الله عز وجل: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) [المائدة:50].

ولكن هذا الانهيار يزيد إيمان المؤمن ويقوي ضعيف الإيمان وينبه المخدوعين بالغرب ونظمه لعلهم يرجعون.

وهنا مسألة يجدر الإشارة إليها ألا وهي أن الغرب ولو أخذ جدلاً بالنظام الاقتصادي الإسلام في بعض مؤسساته فإن هذا لن يحل أزمته ولن ينقذه من انهياره ذلك أن الإسلام يعني الاستسلام لله عز وجل في كل شيء (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) [البقرة:208].

ولا ينفع الإنسان أخذه بشيء من الإسلام علاجاً وإنقاذاً لمصلحة له منهارة وليس انطلاقاً من عبودية لله عز وجل وانقياداً لأحكامه. هذا أمر، والأمر الآخر أن أخذ الغرب أو بعض بنوكنا المحلية بالنظام الإسلامي وإلغاء الربا أمر حسن لكنه ليس حلاً لأصل الكارثة ولن يستفاد من ذلك شيء يذكر، ذلك أن الاقتصاد المعاصر معقد ومتشابك، فلو سلمنا جدلاً أن أسلمنا اقتصاد المصارف فأين أسلمة القطاعات الكبيرة المرتبطة بدورة المال في البنوك؟ أين أسلمة القطاع الصناعي؟ وأين أسلمة القطاع الزراعي والخدمي وشركات التأمين، والبنوك المركزية ومؤسسات النقد، لأن كل هذه القطاعات متورطة بآفة الربا والعقود المحرمة، لذا يجب أن ننقاد للإسلام كافة وأن نقدمه للغرب كل لا يتجزأ بداية من تحقيق التوحيد والعبودية لله عز وجل وإبراز أحكامه ونظمه وما فيها من المحاسن العظيمة التي يجب الأخذ بها تعبداً لله تعالى قبل كل شيء وليس لحل ورطة وكارثة نازلة، وأن نسعى جاهدين لتوظيف هذا الحدث في بيان شمولية الإسلام وعدله وأن فيه حل لكل المعضلات والكوارث وليس للجانب الاقتصادي فقط.

يقول الأستاذ أسامة عبدالرحيم: (إن الغرب قد قطع شوطاً في محاولة إقناع المسلمين أو جبرهم عن التحول بعيداً عن شريعتهم ومنها الشق الاقتصادي وما دعواته الآن إلا إسفنجة يمتص بها الصدمة ويسري بها قليلاً عن المرابين المكلومين من بني الأصفر.

فهل سنطالبهم بتطبيق أحكام الشريعة وهم غير مؤمنين بها، ونتوقع أن يتحاكموا إليها فيما شجر بينهم وهم محادين لها. يلزمنا أن نحملهم أولاً على الإيمان بتلك الشريعة وتعظيم أحكامها، الذي هو تعظيم لمن نزلها وهو الله سبحانه وتعظيم من أنزلت عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم للكتاب الذي نزل بأحكامها وهو القرآن الكريم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير