تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولربما غاب عن أذهان البعض أن الذي دفع بأبنائه الأمريكان في أتون محرقة دموية في العراق وأفغانستان، أكلت أكثر مما أكلت عاصفة الرهن العقاري، وأنفق البلايين على التنصير في عقر دار الإسلام، وصنف النظريات الوضعية وسكبها ترغيباً وترهيباً في عقول نخبة المتغربين، ويؤازر أنظمة حكم فاسدة ومستبدة، لن يطبق شيئاً من شريعتنا، لأن هذا ببساطة انتصاراً للإسلام بغير حرب، وفتحاً لقلوب الملايين من أبناء أوربا لدين الله ولن يرضى بذلك اليهود ولا النصارى حتى نتبع ملتهم) (انظر موقع لواء الإسلام).

الوقفة السادسة: وتصدعت قبلة الليبراليين

وأعني بالليبراليين أولئك المنادين بالليبرالية في بلدان المسلمين بأنواعها الأربعة الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والليبرالية الفردية والتي كلاً منها يقوم على الحرية المطلقة دون أن يقيدها شرع أو غيره، والكلام على هذه الصور من الليبرالية لها مقام آخر، أما الذي يهمنا هنا فهو الليبرالية الاقتصادية التي يقوم عليها النظام الرأسمالي المتوحش والتي تقول: (اكسب من أي شيء شئت وأنفق حيث شئت) أو بعبارتهم المشهورة: (دعه يعمل دعه يمر). وهاهي الآن تترنح وتتهاوى وبسقوطها ينتهي عصر القطب الواحد أمريكا وتسقط قوته وهيمنته وبسقوطها يسقط إن شاء الله دعاة الليبرالية والمجموعات التغريبية في البلاد العربية الإسلامية والتي ربطت مصيرها بمصير أمريكا وتطاولت على الثوابت الإسلامية والاجتماعية. وظنت أن الهيمنة الأمريكية فرصة سانحة لتغيير عقائد الناس وأخلاقهم وقيمهم ولو بالقوة، والاعتماد على الضغوط الأمريكية على الحكومات العربية الضعيفة في فرض أنماط التغريب على المجتمع من خلال قرارات سيادية في المجتمع الإسلامي مثل إلغاء التحاكم إلى الشريعة الإسلامية وإلغاء الولاء والبراء وتغريب المرأة، وتغيير المناهج، ومحاصرة العمل الخيري وغير ذلك.

وها هو أحد المغرمين بحب أمريكا يتباكى على ما أصابها ويدافع عنها ويرى أن وجودها ضمانة حقيقية للأمن العالمي: يقول محمد المحمود في جريدة الرياض العدد (14731) وتاريخ 23/ 10/1429هـ: (صحيح أن تراجع الاقتصاد الأمريكي قد يؤدي إلى ضمور النفوذ الأمريكي، وعدم قدرته على الفعل الحاسم خارج حدود أمريكا. قد يحدث هذا أو شيء من هذا القبيل، فيما لو حدث كساد حاد لكن هذا ليس في صالح أي من دول العالم التي تريد أن تعيش في سلام. فأمريكا رغم كل شيء ورغم كل الأخطاء، هي في النهاية قوة وإيجابية، وضمانة حقيقة للأمن العالمي، وبدونها قد ينهار نظام الأمن في العالم فلا تستطيع الدول – باستثناء دولتين أو ثلاث – أن تضمن حدودها، ولا أن تحمي نفسها مما يشبه شريعة الغاب.

ما لا يريد أن يعترف به التقليديون والغوغائيون أن أمريكا هي أقل الامبراطوريات عبر التاريخ إضراراً بالآخرين، وأن أخطاءها – رغم كل ما يقال – أقل بكثير من أخطاء الآخرين. بل إن العائد الإيجابي الأممي للقوة الأمريكية، يفوق كل ما قدمته الامبراطوريات عبر التاريخ البشري كله وهي حقائق يعرفها الجميع ومع هذا يحنق عليها الجميع؛ لأن ضريبة النجاح والتفوق تفرض مثل هذا السلوك وخاصة من قبل أولئك الفاشلين الذين لا يملكون إلا جذوة الحسد السلبي الذي نراه منهم في عبارات الشماتة الجوفاء) فالحمد لله على العافية.

الوقفة السابعة: هل يفرح المسلم بما أصاب الأمريكان وحلفاءهم من الانهيارات؟

لم أكن لأدرج هذه الوقفة من ضمن هذه الوقفات لولا أن سمعت هذا السؤال طرح في أحد المجالس بل لقد رأيت مقالة لأحد الكتاب ينتقد فيها الفرحين من المسلمين بهذه الكوارث التي تحل بالأعداء!! وهذا أمر مستغرب مستنكر إذ كيف لا يفرح المسلم بالانهيار الاقتصادي والذي يتلوه الانهيار العسكري والسياسي إن شاء الله تعالى لدولة الكفر والطغيان أمريكا والتي ما فتأت تسوم المسلمين سوء العذاب تحتل ديارهم وتفسد دينهم وأخلاقهم وأعراضهم وتعذب وتقتل أبناءهم وتفسد اقتصادهم وتمنع مؤسساتهم الخيرية وما تركت ضرورة من الضروريات الخمس في هذا الدين إلا وألحقت به الفساد؟ كيف لا نفرح بهزيمتها وانهيارها وكف شرها وهذه فعائلها؟ ألم يكن المسلمون في بلاء ومحنة عظيمة بسببها؟ ألم يكونوا يدعون عليها في الليل والنهار بالدمار والانهيار؟ إذن لماذا لما انتصر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير