تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عز وجل لعباده المستضعفين وسلط عليها الكوارث صار بعضنا في حرج من فرحة بانهيار الطغيان؟ ألم يقل الله عز وجل عن انتصار الروم على الفرس في العهد النبوي وهما أمتان كافرتان (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) وذلك لأن ضرر الروم أهون على المسلمين من ضرر الفرس. وقد يقول قائل إن الضرر من هذا الانهيار سيلحق بعض المسلمين وبعض مؤسساتهم المالية التي يستثمرون فيها أموالهم لدى الغرب. وهنا نقول: إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون. وما يصيب المسلمين في أموالهم المودعة أو المستثمرة في الخارج إنما هو جزاء وفاقاً على دعمهم لاقتصاد الغرب في ديارهم وعلى أخذهم الربا أو إعطائه للبنوك الغربية في التعاملات المالية. ويقدر المال السعودي المستثمر في الغرب بما قيمته (1500 مليار دولار)!!

وسيصل شؤم الربا إلى كل مصرف ومستثمر يتعامل بالربا في كل بلد، أما المسلم السالم من هذه اللوثات فهو أقل الناس تضرراً إن تضرر، والمقصود أن المصالح العظيمة التي يجنيها المسلمون من سقوط أمريكا وحلفائها من الثقل والكثرة بحيث ترجح وبشدة بما ينال المسلمين فيها من الأضرار هذا إذا اتعظ المسلمون من هذا الحدث ورجعوا إلى ربهم وتركوا أسباب سخطه أما أن استمروا على أحوالهم وتمادوا في عصيانهم فإن هذا هو الأمر المخيف والمحزن والذي لا يفرح به أي مسلم، وهذا هو الذي أبكى أبا الدرداء رضي الله عنه وهو يرى سقوط قبرص في أيدي المسلمين وأسر من فيها من الكفار. وقد ظن من رآه يبكي أنه يبكي حزناً على الكافرين وسقوطهم وهزيمتهم ولكنه بين سبب بكائه بأنه يخاف أن يحل بالمسلمين ما حل بهؤلاء الكفار إن هم عصوا ربهم. عن جبير بن نفير قال: لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض ورأيت أبا الدرداء وحده يبكي فقلت يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره .. بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك فتركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.

الوقفة الثامنة: وصايا متفرقة

الوصية الأولى:

إلى عامة المسلمين بأن يتعظوا من نزول هذه الكوارث بالكفار بسبب كفرهم وظلمهم وأكلهم الربا أضعافاً مضاعفة. والله عز وجل ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب إلا طاعته وهو سبحانه لا يحابي أحداً في سننه، وقال سبحانه (ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر) [القمر:51]

فلعل مثل هذه الأزمات أن ترد المسلمين إلى دينهم الذي هو كله خير ومصلحة للعباد في الدارين فإن أرجعتهم هذه الأحداث إلى ربهم فتركوا معاصيه وأطاعوه وتركوا ظلم العباد في أموالهم وتركوا ما هم عليه من لهو ومجون فإن هذه الأحداث تعد خيراً للمسلمين وإن لم يتعظوا بما حل بغيرهم فإن هذا نذير شر وسوء عاقبة قال الله عز وجل: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) [النحل:112]

ومر بنا آنفاً قول أبي الدرداء رضي الله عنه: (ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره).

الوصية الثانية: إلى تجار المسلمين وأصحاب البنوك والمؤسسات المالية المتعاملين بالربا

نذكرهم بموعظة الله عز وجل في قوله: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [البقرة:275] فهذه موعظة الله عز وجل العليم بمصالح خلقه وما يضرهم. والواجب على المسلم أن يستسلم لأمر ربه عز وجل ويقبل موعظته سبحانه وتعالى بمجرد الأمر والنهي فكيف وقد ظهرت عقوبة الله عز وجل في أكلة الربا في هذا الانهيار المريع، إنه لا عذر للمتورطين في الربا سواء كانوا أفراداً أو بنوكاً أو مؤسسات استثمارية بعد هذه الانهيارات التي هي مصداق قول الله عز وجل (يمحق الله الربا ويري الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) [البقرة:276]. ومن لم يتب ويقلع عن تعاطيه الربا بعد هذه النذر فلا ندري متى سيتوب؟ إنه يخشى على من هذه حاله أن يدخل تحت قوله تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير