تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنَّ خيرَ من مشى على هذا الكوكب، وخير من عَرَج إلى هذه السَّماء، وأجمل من نظرت إليه الأعيُن، وأليَن من صافحته الأكفُّ، وأطيبَ مَن استمعت إليه الآذان - كان أكثر النَّاس تبسُّمًا، وقال عنه من رآه: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم"، وقال جرير بن عبدالله البجلي - رضي الله عنه -: "ما رآني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ تبسَّم في وجهي"، وقالت زوجه عائشة أمُّ المؤمنين - رضي الله عنها -: "كان ألْيَن الناس وأكرم الناس، وكان رجلاً من رجالكم إلاَّ أنَّه كان ضَحَّاكًا بسَّامًا".

دعني أعرض عليك نوعين من الناس، بل لعلك أدركت أحد النَّوعين مُبتسمًا، وأدركت الآخر جاهِمًا عابِسًا، هات نعرضهما على خُلُق نبيِّك الكريم؛ لتعرفَ أيَّهما أبعد بُعدًا وأسحق سحقًا، فبما تباعدوا عن خلقه في الدُّنيا سيتباعدون عن مَجلِسِه يوم القيامة؛ قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إنَّ أحبكم إليَّ وأقربكم منِّي في الآخرة مَجالس أحاسنكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضكم إليَّ وأبعدكم منِّي في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا: الثرثارون المُتفيهقون المتشدقون)).

إنَّ تبسُّمك صَدَقة تتصدق بها على الفقير والغَنِي، على الشريف والوضيع، على من يستحقُّ ومن لا يستحقُّ؛ قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((تبسُّمك في وجه أخيك صَدَقة))؛ فبادرْ بهذه الصدقة التي لا تكلِّفك شيئًا، وإلاَّ فلا بخل أشَدَّ من بُخلك، ولا لؤم أكبر من لُؤمك؛ إذ بَخَلْت بشدِّ عضلة وجهك إرضاءً لربك، وتطبيقًا لسنة نبيِّك.

قد تكون عن هذا الخير بعيدًا، وعن هذه العادة الحسنة غافلاً؛ فتذكر أنَّ العلم بالتعلُّم والحِلْم بالتحلُّم، واعلم أنَّ من فوائد الابتسامة ما قد ذكرت لك من مصالح آخرتك، ثُمَّ إنَّ فيها من مصالح دنياك ما سترى عاقبته في وُدِّ الناس لك، وميلهم إليك، وارتياحهم إلى وجودك، ورغبتهم في صحبتك، وطمعهم في رؤيتك، واستبشارهم بمطلعك، ولينهم معك، وحبهم لك، ما سيملأ نفسك رضًا، وضميرك راحةً.

ثُمَّ إنَّ فيها من الفوائد الطبية مِمَّا ذكره الأطباء 23 فائدة، منها أنَّها تساعد على تخفيف ضغط الدَّم، وتنشط الدَّورة الدَّموية، وتزيد من مناعة الجسم، وتُساعد المخَّ على الاحتفاظ بكَميَّة كافية من الأوكسجين، ولها آثار إيجابيَّة على وظيفة القلب والبَدَن والمخِّ، وتخفف من حُموضة المعدة، وتزيد من إفرازات الغُدد الصَّمَّاء، وتؤخر عوارض الشَّيخوخة، إلى غير ذلك مِمَّا هو ليس بمستغرب على كلِّ سنة أمرنا بها الرسول - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - مِمَّا فيه صلاحُ قلوبنا وأرواحنا وأبداننا.

أخي المبتسم، أختي المُبتسمة، أخي المكشر، أختي المكشرة:

إنَّ الابتسامة شعارٌ من شعائر الأنبياء، وسُنَّة من سنن المرسلين، وصفة من صفات المُؤمنين، وسِمَة نبيلة من سِمَات النُّبلاء، ولُغة سامية من لُغات الحضارة البشريَّة، فإن أنت لم تفعلها؛ فنفسَك حَرَمْت، وحَظَّك ضيعت، وفُرصَتَك إلى قُلُوب النَّاس أهدرت، وما أملك لك أنْ نَزَع الله الرَّحمة من قلبك فحَرَمك هذا الفضل العظيم.

لا تظنَّ أنِّي قد بالغت، فما قُلْته دون ما يستحقه هذا الخلق الجميل.

ـ[حامد الإدريسي]ــــــــ[03 - 11 - 08, 06:58 م]ـ

من موقع الألوكة ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير