[لذة العلم]
ـ[نادر سيف]ــــــــ[13 - 06 - 04, 02:51 ص]ـ
[لذة العلم]
الإنسان متقلِّبٌ في اللذات بين لذتين:
الأولى: حسِّيَّة.
الثانية: عقلية:.
و أسماهما العقلية، و غايتها العلم.
فالعلم لذة من اللذائذ العقليَّة، و هو ذو لذة رفيعة نفيسة.
لذة العلم لها مجالان:
الأول: لذة حال تحصيله و طلبه.
و هذه اللذة أنواع:
الأول: لذة باعتبار المقصد (أي النية)؛ و الناس في نية الطلب أقسام:
أحدها: أن يكون طلبه لله (فهذا مأجور).
ثانيها: أن يكون طلبه لغير الله (فهذ يأثم)
ثالثها: أن يكون طلبه لا لله و لا لغير الله (فهذا لا يثاب و لا يعاقب).
و الأخيرة هي (حال أكثر النفوس، فإن الله خلق فيها محبة للعلم و المعرفة و إدراك الحقائق، و قد يخلق فيها محبة للصدق و العدل و الوفاء بالعهد، و يخلق فيها محبة للإحسان و الرحمة بالناس، فهو يفعل هذه الأمور لا ليتقرَّب بها إلى أحد من الخلق، و لا ليطلب مدحَ أحد و لا خوفاً من ذمه ...
و المقصود _ هنا _ أن محبة هذه الأمور الحسنة ليس مذموماً بل محموداً، و مَنْ فعل هذه الأمور لأجل هذه المحبة لم يكن مذموماً و لا معاقباً و لا يقال إن هذا عمله لغير الله، فيكون بمنزلة المرائي و المشرك، فذاك هو الشرك المذموم، و أما مَنْ فعلها لمجرَّد المحبَّة الفطرية فليس بمشرك و لا هو _ أيضاً _ متقرِّباً بها إلى الله حتى يستحق عليها ثواب مَنْ عملَ لله و عبده) أهـ.
[انظر: مسألة فيما كان للعبد محبة لما هو خير و حق و محمود في نفسه، لشيخ الإسلام (445 –450) ضمن مجموع (دراسات عربية و إسلامية مهداة إلى أديب العربية محمود شاكر].
الثاني: لذة باعتبار التحصيل (أي ما حصَّلَه من العلم).
الثالث: لذة باعتبار القَدْر (أي ما ناله الطالب من قَدْرٍ و مكانة بسبب الطلب).
و كلها لا تخلو من مراعاة.
الثاني: لذة بعد إدراك قَدْرٍ منه، و حال العمل به.
فهذان مجالان للعلم يَتَحَصَّل للطالب فيهما لذته و حلاوته.
و المراد باللذة العلمية: استلذاذ مسائل العلم و تذوق حلاوته، و تحمُّل المشاق في تحصيله، و إيثاره على أعراض الدنيا.
و ضابطها: ألاَّ تكون مُشْغِلَةٌ عن الأمور الأهم في العلم و طلبه، و عن أصول الفنون بفروعها.
و لِيُعْلَم: أن لذة العلم مُقَيَّدة ٌبأمرين:
الأول: أن يكون بقصد و تؤدة.
الثاني: أن يكون بتوسُّطٍ.
إن غالب طلاب العلم حين يَحْلُو له العلم و يتذوَّق لذته ينجرف مع تلك اللذة فيقع في إهمال مهامٍ كبار، و هذا خلل جَلَلٌ.
فلابد من مراعاة هذين القَيْدَيْن، و الحذر من رونقة العلم و لذته المُفْضِيَة إلى ترك أمور أكبر.
و لهذه اللذة صور:
الأولى: اشتغال جملة من الطلاب بفنون ثانوية، و ترك الفنون الأصيلة.
و ليس مرادي ذم الاشتغال بالفنون الكمالية، و إنما مرادي: أن يشتغل الطالب بالعلوم الآلية و يعرض الإعراض _ الكلي أو الجزئي _ عن علوم الغاية.
الثانية: الاشتغال بمسائل فنٍّ فرعية جزئية دقيقة مع إهمال أصول ذلك الفن و أُسس مسائله.
الثالثة: الصعود إلى العلوم الكبار لمن لم يتقن بدائيات العلم.
إلى صُوَرٍ عديدات.
و لذة العلم مُنَالَةٌ بأمور:
الأول: الإخلاص لله في الطلب.
الثاني: سلوك جادة العلم المطروقة من التدرج من: الأصغر فالأوسط فالأكبر.
الثالث: إعمال الذهن و العقل في العلم تفهُّماً و استنباطاً.
فائدة:
طالب العلم المتلذذ بفهمه لا يزال يطلب ما يزيد التذاذه، فكلما طَلَبَ ازداد لذةً فهو يطلب نهاية اللذة و لا نهاية لها.
[انظر: فيض القدير (1/ 163)].
إضاءة:
(مَنْ لم يحتمل ألم التعلُّم لَمْ يَذُقْ لذة العلم) [السِّيَر (22/ 322)].
كتبها
ذو المعالي
الرياض
[email protected]
ـ[أبو فاطمة الإدريسي]ــــــــ[01 - 10 - 06, 05:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[01 - 10 - 06, 06:42 م]ـ
جزاك الله خيرا