4 - وعن أبي الطويل شطب الممدود رضي الله عنه أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت من عمل الذنوب كلها، ولم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها فهل لذلك من توبة؟ قال: ((هل أسلمت؟)) قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: ((تفعل الخيرات وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن)) قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: ((نعم)) قال: الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى)) < أخرجه البزار والطبري بإسناد جيد >.
العلاقة بين التوبة والإسلام
التوبة تشمل الإسلام كله وهي غاية المؤمن في جميع أحواله وأوقاته، يقول أبن القيم رحمه الله تعالى: " التوبة هي دين الإسلام والدين كله داخل في مسمى التوبة وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله فلإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإنما يحب الله من فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه. فإذاً التوبة هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً، ويدخل في مسماها الإسلام والإيمان والإحسان، وتتناول جميع المقامات، ولهذا كانت غاية كل مؤمن وبداية الأمر وخاتمته وهي الغاية التي وجد لأجلها الخلق، والأمر بالتوحيد جزءٌ منها، بل هو جزؤها الأعظم الذي عليه بناؤها. وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً وحالاً.
ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه، ولولا أن التوبة اسمٌ جامع لشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم فجميع ما يتكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيلها وآثارها " [مدارج السالكين 1/ 306 - 307].
قبول التوبة في أي وقت
من رحمة الله تعالى أنه يقبل توبة عبده في أي وقت من ليل أو نهار، ويفرح بها أشد الفرحةمع أنه تعالى لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، روى أبو موسى تأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها " < أخرجه مسلم 2758>
ظن خاطئ!!
يظن كثير من الناس أن التوبة لا تكون إلا للمسرفين على أنفسهم في العصيان، وأن المحافظ على الفرائض، المجتنب للنواهي لا يحتاج إلى التوبة.
وهذا غرور وظن سيئ، إذ التوبة مطلوبة من العبد ولو كان أعبد الناس وأزهدهم وأتقاهم و أورعهم وأعلمهم. وكلما كان العبد أعلم بربه كان أكثر توبة وإنابة واستغفاراً.
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه، وأتقاهم له، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو مع ذلك أكثر الناس توبة يقول عليه الصلاة والسلام: " والله إني لأستغفر الله ةأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " – أخرجه البخاري /6307 - .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم يقول: " رب اغفرلي وتب علي إنك أنت لبتواب الرحيم " – أخرجه أبو داود /1516 والترمذي 3430 وصححه -.
لماذا يؤخر الناس التوبة؟!
أكثر شيء يرد الناس عن التوبة أو يجعلهم يسوفون فيها: طول الأمل في الدنيا، وما يتقلبون فيه من نعيم. وإلا فإن المصائب إذا نزلت بالعبد أسرع للتوبة، وإذا نزل بلاء عام على العباد رأيت كثرة التائبين، فحذار أن ينسينا طول الأمل المبادرة إلى التوبة.
ـ[توبة]ــــــــ[12 - 08 - 07, 03:01 ص]ـ
استقبال رمضان بالتوبة
من نعمة الله تعالى على عباده أن كرر لهم مواسم الخيرات، ونوّع فيها الطاعات. مواسم تعود عليهم كل عام، حينما يستغرق العبد في اللهو بالولد والمال، وينسى ربه، ويخل بشعائر دينه، ويجتره الشيطان إليه فيمارس أنواعاً من المعاصي في غفلته وسكره؛ يأتي رمضان فينبهه من غفلته، ويقوده إلى ربه ويدعوه إلى تجديد توبته. فرمضان جدير بأن تجدد التوبة فيه؛ إذ فيه تكثر الحسنات وتمحى السيئات وتقال العثرات وترفع الدرجات لمن كان أهلاً لذلك يعرف رمضان حق المعرفة وتؤدي فيه حق الله بإخلاص واجتهاد.
وإذا كان العبد مطلوب منه أن يتوب في كل وقت وحين، فالتوبة في رمضان تتأكد؛ لأنه شهر عظيم تتنزل فيه رحمات رب العالمين؛ لكنه يحتاج من العباد إلى إقبال على الله تعالى، فأين هم الذين أسرفوا على أنفسهم؟ وقضوا الأيام والليالي في العصيان؟ وقابلوا نعم المولى بالكفران؟ وحاربوا الله في أرضه؟ ونابذوه في ملكه؟ أين هم فليتوبوا؟ وهل منا من يسلم من الخطأ؟ ويبرأ من المعصية؟!
كلا بل نحن الخطّاؤون العاصون؛ لكن نرجوا أن نكون من التوابين، (فخير الخطائين التوابون) كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم – رواه أحمد 198/ 3 وابن ماجة 4251 - .
إن باب التوبة مفتوح فأين التوابون؟
¥