فَسُرَّ الفتى وفعل ماطلبت منه والدته، وعاد مساءً يحمل الليرة الذهبية وقدَّمها لوالده قائلاً في زهو مصطنع: "لقد عملت وتعبت كثيراً حتى حصلت على هذه الليرة .. تفضل يا أبي".
تناول الأب الليرة وتأملها جيِّداً ثم ألقاها في النار المتأججة أمامه في الموقد وقال: "إنَّها ليست الليرة التي طلبتها منك، عليكَ أن تذهب غداً مرة أخرى إلى المدينة وتحضر ليرةً أخرى غيرها".
تعجب الفتى من تصرف والده ولكنه لم يتكلم أو يحتج.
وفي صباح اليوم الثاني خرج الولد يريد المدينة وما إن تجاوز الباب حتى لحقت به أمه مرة أخرى وأعطته كذلك ليرة ثانية وقالت له: "لا تعد سريعاً هذه المرة .. امكث في المدينة يومين أو ثلاثة، ثم أحضر الليرة وقدِّمها لوالدك".
فوافقها وتابع سيره حتى وصل إلى المدينة وأمضى فيها ثلاثة أيام كما طلبت منه أمه ثم عاد وقدَّم الليرة الذهبية لوالده قائلاً متصنعاً الإرهاق: "عانيتُ وتعذَّبتُ كثيراً هذه المرة حتى حصلتُ على هذه الليرة .. تفضَّل يا أبي".
تناول الأب الليرة وقلبها بين يديه ثم ألقى بها بين جمر الموقد قائلاً: "كذلك ليست هذه الليرة التي طلبتها منكَ .. عليكَ أن تحضر غيرها".
صُدِمَ الولد هذه المرة وهو يرى ابتسامة واثقة ترتسم على محيَّا أبيه فقبض يده في غضب وبدأت تتبدل ملامح وجهه من الوجوم إلى التصميم والتحدي ثم انصرف سريعاً.
وفي صباح اليوم التالي وقبل أن تستيقظ الأمُّ من نومها تسلل الابنُ من البيت وقصد المدينة وغاب هناك ما يقرب من شهر، ثمَّ عاد يحمل ليرة ذهبية وقد أطبق عليها يده بحرص كبير، فقد تعب حقَّاً في تحصيلها هذه المرة وبذل من أجلها الكثير من العرق والجهد.
ولما لقى أباه قدَّم الليرة إليه وهو يبتسم في ثقة قائلاً: "أما هذه الليرة يا أبي فقد كسبتها من كدِّ يميني .. وقد عانيت والله الكثير في تحصيلها".
أمسك الأب الليرة الذهبية في اهتمام وهمَّ أن يُلقي بها في نار الموقد فانقض الفتى على يدي أبيه وأمسكها مانعاً إياه من إلقائها، فابتسم الأب وعانق ولده وقال: "أما هذه المرة فقد صدقت يا بني، هذه الليرة هي حقَّاً ثمرة تعبكَ وجهدك لأنَّكَ خفتَ على ضياعها، بينما لم تهتم بإحراق الليرتين السابقتين".
مَنْ جاءَهُ المالُ بغير جهد .. هان عليه ضياعه وحَرْقه
ومَنْ أَتَى بالمالِ بعمل وكد .. صان ما سال فيه عَرَقه
ـ[محمد محمود أمين]ــــــــ[20 - 11 - 08, 02:10 م]ـ
أثابك الله تعالى فى انتظار المزيد
ـ[أنس بن محمد عمرو بن عبداللطيف]ــــــــ[20 - 11 - 08, 08:15 م]ـ
أيُّها المعلّم
من أين تأتي بكنوزك ... ودروسك
سر ... واستمرّ
لا كبا بك الفرس أبداً
ـ[أبو الإمام معاذ]ــــــــ[21 - 11 - 08, 08:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أنس أعزك الله وغفر لنا ولك .. إنما أنا ناقل (أبحث كثيراً وأعدل قليلاً)
البئر والحصان
وقع حصان أحد المزارعين في بئر عميقة ولكنها جافة، وأصاب الحصان ألماً شديداً من أثر السقوط ومع هذا حاول أن يخرج من البئر مراراً فلم يستطع، فالبئر عميقة جداً والألم قد عصف به، واستمر هكذا دقائق كان مالكه المزارع خلالها يبحث الموقف ويفكر كيف سينقذ الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى أقنع المزارع نفسه بأنه لا أمل في إنقاذ حصانه، فالبئر عميقة والإمكانات في القرية شحيحة، كما أن الحصان قد أصبح هرماً وكان لابد من استبداله على كل حال، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها حتى لا يقع فيها المزيد من الضحايا.< o:p>
ورغم الحب الشديد الذي يكنه هذا المزارع لحصانه إلا أنه اتخذ القرار الصعب بلا تردد وجمع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل المشكلتين في آن واحد؛ التخلص من البئر الجاف ودفن الحصان، وبالفعل بدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة وإلقائها في البئر.
ولما أدرك الحصان حقيقة ما يجري أخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه الألم والاستجداء، ثم لماَّ لم يجد استجابة لاستغاثاته صمت.
وبعد دقائق من صمته لاحظ الجميع انقطاع صوت الحصان فجأة .. وتسائلوا هل مات أم يأس من النداء؟ < u5:p>
وبعد قليل وقت من بدء عملية الدفن نظر المزارع إلى داخل البئر في ألم وكأنه يودع حصانه العزيز .. ولكن .. < o:p>
صُعِقَ بالكامل لما رأى ...
< o:p>
فقد رأى حصانه يقف على ما يُردَم به البئر وينفض التراب من عليه بهز ظهره بقوة!!
< u5:p> وكلما أسقط التراب عليه نفضه عن نفسه ووقف عليه وبذلك ظل يرتفع خطوة خطوة إلى الأعلى.
وهكذا استمر الحال، الكل يلقي التراب إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فينفضها عن نفسه فتتساقط على الأرض ويقف هو عليها فيرتفع خطوة إلى أعلى.
وبعد الفترة اللازمة لملئ البئر، كان قد اقترب الحصان من سطح الأرض فقفز متناسياً كل آلامه إلى سطح الأرض بسلام.
< o:p>
إن ألقت الحياة بأوجاعها وأثقالها عليك فكن حصيفًا مثل هذا الحصان
وانفض هذه المشاكل عن ظهرك وقف عليها فترتفع بذلك خطوة لأعلى.
¥