أجابتها الفتاة بإباء: "أمي العزيزة .. أنا لا أتألم من حالي .. بل أحمد الله عليه .. فأنا أفضل من كثيرات غيري ..
وأنا أعرف تماماً أنني قد لا أنافسهن في ظاهرهن من الترف والجمال ولكنني أملك فوق رأسي عقلاً حصيفاً وبين صدري قلباً نظيفاً لعلي أنافسهن بهما"
وفي اليوم الموعود عندما وصلت الفتاة كان قد سبقها للقصر أجمل الفتيات وهن يرتدين أجمل الملابس وأروع الحليّ
مستعدات للتنافس بشتّى الوسائل من أجل فرصة العمر
وظهر الأمير عليهن وأعلن بدء المنافسة قائلاً: "ستقتصر هذه المنافسة على أمر واحد فقط .. "
همهم الجميع في حيرة وترقب
فأكمل الأمير: "سوف أعطي كل واحدة منكن (بذرة) .. ومن تأتيني بعد شهر بأجمل وأكبر زهرة من هذه البذرة تكون زوجتي وإمبراطورة الصين المقبلة"
وبالفعل أعطى الخدم لكل فتاة أتت في الثلاثة أيام بذرة واحدة
وحملت فتاتنا بذرتها وزرعتها في أصيص صغير من الفخار واعتنت بالتربة بكثير من الأناة والنعومة
ولكن للأسف خلال العشرة أيام الأول من المهلة لم يظهر من البذرة شيء
وخلال العشرة أيام التالية جرّبت الفتاة شتّى الوسائل ولكن لم تحصل على أية نتيجة سوى ظهور ساق صفراء صغيرة ظلت تزداد يوماً بعد يوم
حتى بدت في صباح يوم المهلة ساق ذابلة لونها بني داكن ولا أوراق فيها
ورغم هذا الفشل إلا أنها قررت الذهاب على كل حال لعلها تتعلم من غيرها من الفتيات كيف اهتممن ببذراتهن ..
وقد كانت راضية تماماً عن ما قدمت وعن مجهودها المبذول وإخلاصها خلال الشهر
ذهب الجميع ليرى اختيار الأمير لزوجته وتقدّمت الفتاة مع أصيصها الذي تقبع فيه الساق الذابلة ..
وحزنت لما رأت جميع الأخريات حصلن على نتائج رائعة ويتنافسن في حسن وروعة أشكال وألوان زهراتهن
وكانت تذوب خجلاً مع كل كل نظرة مستهزئة أو مشمئزة إلى اصيصها
وأتت اللحظة المنتظرة
ودخل الأمير واصطفت الفتيات أمامه تحمل كل منهن إصيصها
وهو يمر عليهن ويتفرس الأزهار في اهتمام تارة واعجاب تارة حتى رأى فتاتنا المسكينة فتوقف برهة ونظر إلى الساق الذابلة ثم إلى الفتاة ثم مطَّ شفتيه وأكمل طريقه
فدمعت عينا الفتاة وتألمت لنظرة الأمير لها وهي تقول في نفسها: "لعله يحتقرني ويظن أني لم أهتم بالبذرة"
وبعد أن مرّ أمام الجميع اعتلى منبراً عالياً في قصره لإعلان قراره
وانتظرت الفتيات في ترقب وكل منها تمني نفسها بأنها امبراطوة الصين
وفتاتنا تقول في نفسها: "هل قصرت في الاهتمام بالبذرة حتى تكون الوحيدة الذابلة إلى هذا الحد؟ "
أما الأمير فقد قال: "الآن سأشير إلى امبراطورة الصين الجديدة"
وأشار إلى إبنة الخادمة!!
لم تظن الفتاة لوهلة أبداً أنها المقصودة بل نظرت خلفها لا لترى وجه سعيدة الحظ بل لترى زهرتها ولكن خلال ذلك عاد الأمير وأشار إليها
ثم أشار لأحد حراسه بالصعود بها إلى جانبه
فذهلت الفتاة في حين احتجّت الأخريات قائلات إنه اختار تلك التي لديها أسوأ نبات كما أنها بنت خادمة ولا تملك من الجمال الشيء الكثير
أمر الأمير الجميع بالصمت حتى صعدت الفتاة المبهورة وأصبحت بجانبه فابتسم لها وقال لها: "كيف حالك أيها الأمبراطورة؟ "
.. فنظرت إليه الفتاة مشدوهة لا تدري ماذا تقول ثم نظرت إلى اصيصها في ذهول
عندها نظر الأمير بدوره إلى الإصيص وقال موجهاً كلامه إلى الجميع وبصوت جهوري: "هذه الفتاة هي وحدها التي زرعت البذرة .. "
فسرت همهمة بين الحضور
يتساءلون فيما بينهم كيف وهي الوحيدة التي لم تنبت لها زهرة؟
أكمل الأمير وكأنه يسمع همهماتهم: "كل البذور التي أعطيتها للفتيات كانت معطوبة وعقيمة ولا يمكنها أن تخرج زهرة بأي حال من الأحوال ..
وقد فعلت ذلك لأقلل عدد الفتيات المخادعات ثم أكمل المسابقة لأصل إلى أكثر الفتيات أمانة وأوفرهن إخلاصاً وأعظمهن خلقاً .. ولم أكن لأتصور أن تكون كل الفتيات مخادعات .. وتتفوق فتاة واحدة من أول اختبار"
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ
وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ"
صححه الألباني
ـ[أبو الإمام معاذ]ــــــــ[13 - 10 - 09, 02:14 م]ـ
عفواً مشاركة مكررة مرة أخرى:)
ـ[ saead] ــــــــ[19 - 10 - 09, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الأخوة الأعزاء:
ها قد جمعت مجموعة القصص الذي في هذا الموضوع على ملف وورد فتفضلوا بتحميله.
ـ[أبو الإمام معاذ]ــــــــ[26 - 10 - 09, 09:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي الكريم / saead
وأسأل الله أن يتقبل منك ويأجرك
وينفع بك وبجهدك
¥