تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نجاح مشروع ... أم انهيار قيم (موضوع للمناقشة)]

ـ[آل العبدلي]ــــــــ[16 - 11 - 08, 10:15 ص]ـ

نجاح مشروع ... أم انهيار قيم

على ضوء تجارب شخصية

كثير ما يصدم المرء ممن حوله من أصحاب أو زملاء أو غيرهم بسبب بعض السلوكيات السلبية التي تصدر منهم، ولكنه في أغلب الأحيان يعذرهم كونهم بشر لاسيما اذا تدثروا بقوله (كل ابن آدم خطاء)، فالخطأ سجية الإنسان مذ أن خلق وجرى عليه القلم.

لكن ثمة أخطاء يقف الإنسان عاجزا عن تفسيرها في كثير من الأحيان، فكم مرة طرقت بقلمي على طرف طاولتي وأطرقت بنظري على ورقتي حائرا كيف أفسر ذلك الخطأ، لا أخفيكم أن تأويلها حاضرا في الذهن، لكنك تُكْبِر ذلك الشخص أن يمتهن ذلك السلوك أو أن يرخص دينه من أجل (ثوبي زور).

تخيلوا معي ذلك الشخص الذي عكف الأيام والليالي في انجاز هيكل أو حتى ورقة عمل لهدف كبير أو حتى صغير! بل قل مقالة في جريدة سيارة سيعفى عليها بعد ردهة من الزمن، وقبل إبرازها بأيام يسرق أحدهم ذلك الجهد ثم يتبناه بنسب كاذب ليمتدح به.

ولا أدري كيف أقدم على هذه الخطوة هذا السارق المارق - عن قواعد السلوك البشري السوي فضلا عن الأحكام الشرعية ـ ألم يراعي شخصيته أمام مجتمعه وصحبه ومن أراد ابراز ذاته أمامهم كيف سيكون موقفه إذا افتضح أمره وكشف ستره؟

لقد حارب الإسلام هذا التصرف الساقط محاربة شديدة وعلى جميع الأصعدة، ابتداء من ذلك التنافس الفطري بين الضرات في الأسرة الواحدة والذي قد يتكرر في اليوم عدة مرات تساهلا تارة ورضوخا لسياط الغيرة تارة أخرى، وانتهاء بأعمال الدولة وما يتعلق بها، وما كانت هذه المحاربة إلا لدناءة هذا الأسلوب الذي لا يليق بشخصية المسلم، ولوضاعة هذا التصرف والذي لا يتناسق مع القيم الرفيعة التي يدعو لها ديننا الحنيف.

سأضرب مثالين لما سبق ذكره من النصوص الشرعية:

إحداهن تأتي للنبي صلى الله عليه وسلم وتستفتيه بأنها تثير غيرة ضرتها بأن زوجها قد اشترى لها اشياء ثمينة، وأهدى لها النفيس من الهدايا، مع أن هذا لم يحصل منه شيئ، فبادر النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) والشاهد أن سارق جهد غيره متشبع بم لم يعط غير أنه زاد سوء على تلك المرأة الغَيْرى أنه سارق جهد غيره لذلك فهو أولى بثوبي الزور.

والمثال الآخر: قوله تعالى (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ) فالمنافقون كانوا إذا تخلّفوا عن غزوة يعتذرون ويتجملون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ليس فيهم، ومع ذلك يحبون أن يحمدوا على ما تجملوا به من معاذير، وهي لا تليق بحالهم، كمن تجمل بجهد غيره وهو لا يلق به، فكان القاسم المشترك بينهما أنهم يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، كما قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فنصيحتي لكل من سولت له نفسه أن يتكسب تكسبا معنويا أو ماديا من جهد غيره، اعلم أن الله عز وجل سيفشل ما رمعت له، ويفسل ما انتهضت من أجله، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ادعى دعوة كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة).

فإليكم أيا السادة تجاربي الشخصية - والتي دفعتني لكتابة هذا الموضوع - والتي لم أجد لها مخرجا يليق بأصحابها:

- فاليكم هذه التجربة والتي كانت من خلال عزم المؤسسة والتي أعمل فيها على تعيين رئيس جديد لإحدى اللجان ذات الأهمية في عمل المؤسسة، وكنت أنا المرشح لتولي مهامها، فعكفت على ايجاد مشاريع عمل لا تخلو من طابع ابداعي تجديدي لها وكنت حريصا كل الحرص على سرية تلك المشاريع حتى لا أجعل لذوي المآرب والمنافسين لي في العمل فرصة لكشفها وتهوينها، غير أن لي زميل في العمل -غير مرشح لهذه الرئاسة – وكنت أظن أنه صديقا (مخلصا!)، فكان من الوسوسة التي لا معنى لها أن أخبئ عن صديقي هذا أبرز مشاريعي التي سأقدما من خلال رئاستي لتلك اللجنة ولو من باب الإستشارة عن مدى جودة تلك المشاريع، فإذا بي أصعق بأن صاحبي تبنى أبرز أفكاري ومشاريعي ويتقدم بها – باردة بذلك أعصابه - ناسبها لنفسه من غير ذكر مصدرها!!

- وأخيرا أختم بهذا الموقف والذي أصبح رائجا في الشبكة العنكبوتية حيث أني كتبت مقالة فيما سبق وبفضل من الله تعالى كُتِب لها القبول في عالم النت، فإذا بي أفاجأ بأن أحد مسؤولي منتدى اسلامي! ينسبها لنفسه، ومن المضحك أن أحدهم يشكره على تلك المقاله فيرد عليه قائلا (نسأل الله الإخلاص).

في الحقيقة لا أدري – ونسأل الله العافية – كيف يستسيغ أولائك النفر مثل هذه السلوكيات، بل كيف ينظر لنفسه في مرآة حياته، بل لا أدري كيف تصدر تلك التصرفات المكشوفة وما ذلك ماء الوجه الذي يحتمل ساعة المواجهة.

فهل ذلك التصرف هوعلامة على نجاح المشروع المسروق أم أنها مجرد سقوط للقيم أم كليهما معا؟ .... ما قولكم دام فضلكم.

تركي آل عبدلي

12 ذي القعدة 1429

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير