[نواقض الإيمان من (روضة الطالبين) للنووي.]
ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[26 - 11 - 08, 02:06 ص]ـ
حقيقة الردة: وهي قطع الإسلام ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح كالسجود للصنم أو للشمس وإلقاء المصحف في القاذورات والسحر الذي فيه عبادة الشمس ونحوها قال الإمام في بعض التعاليق عن شيخي أن الفعل بمجرده لا يكون كفرا قال وهذا زلل عظيم من المعلق ذكرته للتنبيه على غلطه وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو عناء أو استهزاء هذا قول جملي وأما التفصيل فقال المتولي من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو نفى ما هو ثابت للقديم بالإجماع ككونه عالماً قادراً أو أثبت ما هو منفي عنه بالإجماع كالألوان أو أثبت له الاتصال والانفصال كان كافراً وكذا من جحد جواز بعثة الرسل أو أنكر نبوة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أو كذبه أو جحد آية من القرآن مجمعاً عليها أو زاد في القرآن كلمة واعتقد أنها منه أو سب نبياً أو استخف به أو استحل محرماً بالإجماع كالخمر واللواط أو حرم حلالاً بالإجماع أو نفى وجوب مجمع على وجوبه كركعة من الصلوات الخمس أو اعتقد وجوب ما ليس بواجب بالإجماع كصلاة سادسة وصوم شوال أو نسب عائشة رضي الله عنها إلى الفاحشة أو ادعى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم أو صدق مدعياً لها أو عظم صنما بالسجود له أو التقرب إليه بالذبح باسمه فكل هذا كفر.
قلت قوله إن جاحد المجمع عليه يكفر ليس على إطلاقه بل الصواب فيه تفصيل سبق بيانه في باب تارك الصلاة عقب كتاب الجنائز ومختصره أنه إن جحد مجمعاً عليه يعلم من دين الاسلام ضرورة كفر إن كان فيه نص وكذا إن لم يكن فيه نص في الأصح وإن لم يعلم من دين الاسلام ضرورة بحيث لا يعرفه كل المسلمين لم يكفر والله أعلم.
قال المتولي ولو قال المسلم يا كافر بلا تأويل كفر لأنه سمى الاسلام كفراً والعزم على الكفر في المستقبل كفر في الحال وكذا التردد في أنه يكفر أم لا فهو كفر في الحال وكذا التعليق بأمر مستقبل كقوله إن هلك مالي أو ولدي تهودت أو تنصرت قال والرضى بالكفر كفر حتى لو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة التوحيد فلم يفعل أو أشار عليه بأن لا يسلم أو على مسلم بأن يرتد فهو كافر بخلاف ما لو قال لمسلم سلبه الله الإيمان أو لكافر لا رزقه الله الإيمان فليس بكفر لأنه ليس رضى بالكفر لكنه دعا عليه بتشديد الأمر والعقوبة عليه.
قلت وذكر القاضي حسين في الفتاوى وجهاً ضعيفاً أن من قال لمسلم سلبه الله الإيمان كفر والله أعلم.
ولو أكره مسلماً على الكفر صار المكره كافراً والإكراه على الإسلام والرضى به والعزم عليه في المستقبل ليس بإسلام ومن دخل دار الحرب وشرب معهم الخمر وأكل لحم الخنزير لا يحكم بكفره وارتكاب كبائر المحرمات ليس بكفر ولا ينسلب به اسم الإيمان والفاسق إذا مات ولم يتب لا يخلد في النار.
فرع في كتب أصحاب أبي حنيفة رحمه الله اعتناء تام بتفصيل الأقوال والأفعال المقتضية للكفر وأكثرهما مما يقتضي إطلاق أصحابنا الموافقة عليه فنذكر ما يحضرنا مما في كتبهم.
منها إذا سخر باسم من أسماء الله تعالى أو بأمره أو بوعده أو وعيده كفر وكذا لو قال لو أمرني الله تعالى بكذا لم أفعل أو لو صارت القبلة في هذه الجهة ما صليت إليها أو لو أعطاني الجنة ما دخلتها.
قلت مقتضى مذهبنا والجاري على القواعد أنه لا يكفر في قوله لو أعطاني الجنة ما دخلتها وهو الصواب والله أعلم.
ولو قال لغيره لا تترك الصلاة فإن الله تعالى يؤاخذك فقال لو واخذني الله بها مع ما بي من المرض والشدة ظلمني أو قال المظلوم هذا بتقدير الله تعالى فقال الظالم أنا أفعل بغير تقدير الله تعالى كفر ولو قال لو شهد عندي الأنبياء والملائكة بكذا ما صدقتهم كفر ولو قيل له قلم قلت المختار أنه لا يكفر بهذا إلا أن يقصد استهزاء والله أعلم.
¥