تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن تاريخ النصارى تاريخ روماني الأصل، عَدَّلَهُ بعض الملوك ورهبان النصارى ونسبوه إلى ميلاد المسيح عليه السلام بعد مولده بستة قرون أو ثمانية قرون تقريباً، والأشهر الميلادية التي يدور عليها فلك هذا التاريخ تحمل في اشتقاقها ومعناها معاني وثنية، ذات ارتباط بآلهة الرومان وعظمائهم، وحتى أيام الأسبوع تحمل هذه المعاني عندهم.

والتاريخ الهجري الذي هو شعار الأمة الإسلامية لم يُبن على ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على مبعثه، وإنما بني على حدث عظيم فرق الله فيه بين الحق والباطل، إنه يوم الهجرة الذي أعقبه قيام الدولة العظمى دولة المسلمين في المدينة، بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان المسلمون يعيشون في مكة أفراداً مطاردين، ليسوا لهم كيان يجمعهم، ولا دولة تحميهم، حقاً إنه حدث عظيم، جدير بأن يتذكره المسلمون على مَرِّ الدهور، وتنشأ على معرفته ووعيه الأجيال، وأن يكون شعاراً بارزاً ومَعْلَماً من معالم حضارة المسلمين.

أنا لا أنكر أن مسألة الأخذ بتاريخ النصارى قد تكون اضطرارية في بعض الحالات بسبب ضعف المسلمين، لكن لا بدَّ أن يُعتمد معه التاريخ الهجري ليكون متبوعاً لا تابعاً، ويعلم العدو الماكر أننا لم نتخلَّ عن تاريخنا، ولن نرضى به بديلاً، لكن ما العذر لمن يمكنه الأخذ بالتاريخ الهجري واعتماده في جميع شؤونه، وليس بحاجة – فضلاً عن الضرورة – للأخذ بتاريخ النصارى؟!

إني لأعجب ويعجب غيري ولاسيما هنا في بلاد الحرمين – حرسها الله – ممن يؤرخ بتاريخ النصارى لأناس لا يعرفون شيئاً عن هذا التاريخ، لا يعرفون اسم الشهر، ولا بدايته، ولا نهايته، تأخذ الورقة من مستوصف أو مصنع أو محل تجاري على اختلاف نوع بضاعتها، وإذا على طرتها قد سَجَّلَ لك المسؤول تاريخاً لا تعرف لا أصله ولا فصله، حتى إنه إذا كان يتضمن موعداً مستقبلاً ذهبت تقابله بالتاريخ الهجري لتحفظ هذا الموعد.

فيا أيها المسلمون لا تكونوا عوناً لأعدائنا في تحقيق مآربهم فينا، بل علينا أن نعتز بديننا وبأخلاقنا، وبما سار عليه سلفنا الصالح الذين حقق الله لهم النصر والعز والتمكين في الدنيا، ووعدهم عظيم الأجر في دار كرامته.

إن علينا أن نتمسك بتاريخنا الهلالي الهجري الذي يعني اعتزازنا بديننا، وحفاظنا على شخصيتنا الإسلامية المتميزة عن غيرها، والتي لا ترضى بحال أن تكون تابعة لغيرها، ما دام أن الله تعالى أعزها بهذا الدين ورضيه لها لقيادة البشرية، والصعود بها في معارج الرقي والكمال.

[1] عن كتاب " التاريخ الهجري " للدكتور: زيد بن عبد الكريم الزيد ص (30)

[2] تفسير الرازي (16/ 50).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير