وقد تسابق كثير من الناس إلى قراءته والوعظ به دون سؤال أهل العلم عن أصله وصحته بل حرص بعض الناس عليه أشدّ من حرص على مواعظ القرآن الكريم والسنة المطهرة.
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} [النساء: 66].
وقد بين غير واحد من أهل العلم بطلان هذه الوصية من وجوه كثيرة منها:
* الوجه الأول: زعمت الوصية أن المدعو أحمد رآى النبي عليه السلام في اليقظة وكلّمه، وهذه الدعوى باطلة لأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم كذب وزور باتفاق العلماء.
* الوجه الثاني: زعمت الوصية أن النبي عليه السلام خرج من قبره وهذا يخالف النصوص الصحيحة التي تخبر أن القبر النبوي لا ينشق عنه صلى الله عليه وسلم إلا عندما يقوم الناس لرب العالمين كما جاء في الحديث ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع)) أخرجه مسلم عن أبي هريرة
* الوجه الثالث: جاء في الوصية المزعومة أن النبي عليه السلام كان خجلاً من ربه ومن الملائكة بسبب ذنوب أمته وهذا الزعم الباطل يلزم منه عدم إكمال النبي صلى الله عليه وسلم إبلاغ رسالة ربه وهذا منكر من القول وزور وهو واضح البطلان فلقد قام النبي عليه السلام بواجب الرسالة على أتم وجه، فبلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، ويؤكد هذا الأصل ويقرره قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ديِنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيِتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديِناً} [المائدة: 3].
* الوجه الرابع: جاء في الوصية أن النبي عليه السلام أخبر المدعو أحمد بأنه قد مات في أسبوع واحد ستون و مائة ألف على غير الإسلام، وهذا من آكد الأدلة في بطلان تلك الوصية إذ أن ذلك من خبر الغيب ومرد ذلك إلى الله تعالى.
قال تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن ِ فِي السَّمَوَات ِ وَالأرْض ِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون} [النمل: 65].
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((إني فرطكم على الحوض انتظر من يرد إليّ فو الله ليقتطعن دوني رجال فلأ قولن: أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم)) أخرجه مسلم.
* الوجه الخامس: يدل على بطلان تلك الوصية المزعومة أن ما ذكر فيها من الثواب المترتب على نشرها جعلها في منزلة أفضل من نشر القرآن والسنة كما أن العقاب الوارد فيمن أهملها أعظم من العقاب المتوعد به من ترك بعض الواجبات الشرعية.
* الوجه السادس: زعمت تلك الوصية أن من أهملها أصيب بعقوبات متعددة وهذا مما يدل على اختلاقها ونكارتها، فكثير أولئك الذين أهملوها بل مزقوها وكذبوها ولم يحصل لهم مثقال ذرة من أذى كما زعمت تلك الوصية الباطلة بل إنهم في إهمالها وتكذيبها وتمزيقها مأجورون مشكورون، لأن فعلهم هذا من إنكار المنكر الذي أمر الله – سبحانه وتعالى – بتغييره.
* الوجه السابع: ركاكة أسلوب الوصية والتكلف في سرد ثوابها وعقابها مما يؤكد أنها من وضع الكذابين الأشرين، أمّا كلام مشكاة النبوة فجلي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب.
* الوجه الثامن: ومن الأدلة على بطلان تلك الوصية أيضاً ما كتبه وقرره غير واحد من أهل العلم المعتبرين من تكذيب تلك الوصية والتحذير منها وكشف عوارها وزيفها، ومن أبرز أولئك في هذا العصر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – عندما سئل عن تلك الوصية المزعومة أجاب بقوله: (هذه النشرة وما يترتب عليها من الفوائد بزعم من كتبها وما يترتب على إهمالها من الخطر كذب لا أساس له من الصحة، بل هي من مفتريات الكذابين، ولا يجوز توزيعها لا في الداخل ولا في الخارج، بل ذلك منكر يأثم من فعله، ويستحق عليه العقوبة العاجلة والآجلة لأن البدع شرها عظيم وعواقبها وخيمة. وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة، ومن الكذب على الله سبحانه وتعالى.
وقد قال الله سبحانه: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكذِب َ الَّذين َ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَات الله ِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذبُونَ} [النحل: 105].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) رواه مسلم في صحيحه.
فالواجب على المسلمين الذين تقع في أيديهم أمثال هذه النشرة تمزيقها وإتلافها وتحذير الناس منها وقد أهملناها وأهملها غيرنا من أهل الإيمان فما رأينا إلا خيراً.
وإن من كتبها ووزعها ومن دعا إليها ومن روجها بين الناس فإنه يأثم لأن ذلك كله من باب التعاون على الإثم والعدوان، ومن باب ترويج البدع والترغيب في الأخذ بها.
نسأل الله لنا وللمسلمين العافية من كل شر وحسبنا الله على من وضعها، ونسأل الله أن يعامله بما يستحق لكذبه على الله وترويجه الكذب وإشغاله الناس بما يضرهم ولا ينفعهم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه) انتهى كلامه بحروفه رحمه الله تعالى وجعل الفردوس الأعلى مثواه.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¥