[كلمات في وداع بوش بالحذاء! أ. د. ناصر العمر]
ـ[نايف الواكد]ــــــــ[23 - 12 - 08, 11:50 م]ـ
كلمات في وداع بوش بالحذاء!
أ. د. ناصر العمر 25/ 12/1429
لا شك أن الرئيس الأمريكي المنصرف عندما قرر بصورة مفاجئة -بعد أن أوشك على مغادرة البيت الأبيض- زيارة البلاد التي نكبها بظلمه وطغيانه طوال سنوات، كان يحلم أن يوفر له حفل الوداع ذلك فرصة ذهبية ليخلد ذكراه في التاريخ كفارس منتصر بعد سلسلة النكبات والهزائم والأزمات المالية والاقتصادية والعسكرية التي جرها على أمته.
وبرغم أن الأحداث على أرض الواقع لا تسعفه لتحقيق ذلك، إلا أن بريق عدسات المصورين مع شيء من النفاق السياسي الذي اعتاده القوم يمكن أن تعمل عمل السحر!
لكن الرئيس -بكل تأكيد-لم يكن يتمنى أو يتوقع في أسوأ الاحتمالات أن يتحول حفل الوداع ذلك إلى أكبر إهانة يتعرض لها هو أو أي رئيس أمريكي قبله، بحيث إن صورته في الأذهان ستبقى ملازمة لصورة الحذاء الذي انطلق نحوه كلما ذكر!
ولم يكن من المفاجئ ولا من المستغرب أن تستقبل الأمة هذا الحدث بالفرح والسرور، بل إن الفرح بما حصل والسخرية من هذا الرئيس بسبب ما حل به قد تجاوز الأمة إلى كل بقاع الأرض ومن بينها أمريكا نفسها، فما جره هذا الرئيس على العالم من ويلات ودمار وفوضى قد جعل مِن رفضه وبغضه شعاراً جامعاً لكثيرين.
إن لهذه الحادثة وما رافقها من مشاعر الفرح التي عمت أبناء أمتنا دلالات كثيرة يحسن بنا أن نقف مع بعضها:
1. فمرة بعد مرة يظهر تأثير الإعلام في الأحداث، ودوره الكبير في قيادة الناس وتوجيه تصرفاتهم، فالإعلام لم يجعل العالم كالقرية الصغيرة فحسب بل إنه كاد أن يحوله إلى بيت صغير، فما هي إلا لحظات بعد ضرب الرئيس الأمريكي حتى طارت الصور إلى أنحاء العالم وبدأ الناس في تناقلها والتحدث عنها؛ والإعلام سلاح ذو حدين، فكما يمكن أن يستخدم في نشر الحق والخير والحقائق، يمكن أن يستخدم في نشر الباطل والظلم والأكاذيب، وهذا يدعونا للمبادرة لامتلاك وسائل الإعلام والاستفادة منها بكل ما نستطيع، فكل من استطاع أن يستخدم وسيلة إعلامية نافعة فعليه أن يقدم على ذلك ويقتحم هذا المجال بضوابطه الشرعية، فمن سبَق في الإعلام اليوم فله السبْق، وله اليد الطولى في التأثير على الناس، فلا ينبغي لنا أن نقف متفرجين ومكتوفي الأيدي، بل لا بد من وعي خطورة الإعلام والتعامل معه بإيجابية، بفتح المواقع النافعة والقنوات الفضائية والصحف والمجلات واستخدام رسائل الجوال وغير ذلك.
2. إن الفرح الذي اعترى أفراد الأمة صغاراً وكباراً فرح مشروع، فقد بين الله جل وعلا بعض آثار ما يصيب الكفار من العذاب فقال: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 14، 15]، وهذا الفرح يدل على خيرية هذه الأمة، صحيح أن من أسباب الفرح ما شاركنا فيه غيرنا، وهو ظلم وعدوان هذا الرئيس الذي فاق الحد، إلا أن هذا الفرح يدل من جهة أخرى على أن كل محاولات التمييع والتلميع وتسويق العدو المبغض الناشر للظلم والعدوان كصديق محب ناشر للحرية والعدل لم تفلح، وأن كل الحيل والألاعيب لم تنطل على الناس في بلادنا، وأن بغضهم لأعداء الله مستقر في قلوبهم، وهذا ما يفسر هذه الفرحة العارمة التي شعر بها الناس وكأن هذه الضربة قد عبرت عما في صدورهم تجاه هذا الرجل وما يمثله.
3. إن هذه الحادثة قد كشفت عن خور وعجز هذا الرئيس حتى إنه لم يحاول أن يتقي الضربة بيده بل انحنى لها وجعلها تمر لتحطم هيبة علم بلاده، ولهذا فقد اعتبر كثير من الأمريكان أن الحادثة إهانة للشعب الأمريكي ولأمريكا، وحملوا رئيسهم المسؤولية عن ذلك بسبب سياساته الرعناء. وفي هذا الذي حصل دلالة رمزية، فالأمم تجاهد وتتفانى لحماية الرمز، بينما آثر هذا الرجل سلامة نفسه ولم يقدم شيئاً لحماية علم بلاده، وقديماً كان سقوط الراية في المعركة من يد حاملها يؤذن بانتهاء المعركة وضياع كل شيء، فكأن هذا الذي حصل فضلاً عن الأزمات التي تلاحق أمريكا إيذان ببدء أفول نجمها وزوال ملكها.
¥