4. إن العدل قيمة غالية لا ينبغي لنا عند تناول الأحداث أن نفرط فيها أو نتجاوزها، ومن العدل أن يبين للناس أن قاذف الحذاء ليس شيوعياً كما حاولت أن تُسَوِّق بعض القنوات المعروفة بميلها بل موالاتها لأمريكا، وكونه شيعياً كما أكد لي من يعرفه لا يعني أن نرضى بظلمه أو أن نروج لهذا الظلم، صحيح أن له ميولاً يسارية وأنه كما يقولون في مصطلحاتهم وطني يدافع عن العراق إلا أنه ليس شيوعياً، وهذه التهمة التي حاولت أن تروجها هذه القناة وغيرها لتنفر المسلمين وتسرق فرحتهم بالحدث إنما جاءت بسبب شعورها -ربما- أن هذا الحذاء قد طالها هي أيضاً.
5. من العدل كذلك أن يقال إن تناول الحدث كان فيه شيء من المبالغة، والمبالغة ليست في تناوله مجرداً، فهو حدث كبير، ولكن بمقارنة هذا التناول بتناول وسائل الإعلام المختلفة لجهاد أهلنا في العراق طيلة خمس سنوات، حيث لم يحظ هذا الجهاد الذي أزهقت فيه آلاف الأرواح الطاهرة وسالت فيه أنهار الدماء الزكية بمثل ما حظيت به هذه الحادثة، فأين الشعراء والخطباء والكتاب والمعلقون من هذا الجهاد؟ وأيهما أولى بالاهتمام والإبراز؟ نعم، لا حرج في الفرح بما حل بالرئيس الأمريكي، ولكن في المقابل أين الإشادة بتضحيات الشعب العراقي ومجاهديه الذين أذاقوا بوش وأمريكا مئات وآلاف الصفعات والركلات؟!
إنه لمن العجيب أن بعض من كتب مهللاً لرمي الحذاء لم يقل كلمة واحدة في نصرة العراق وجهاد أهله طوال سنوات، والأعجب من ذلك أن بعض المهللين كان يقف ضد جهاد الشعب العراقي ويصفه بقتال الفتنة، ويبقى أن نقول من باب العدل والإنصاف أن بعض من كتب في الحادثة له كتابات ودور لا ينكر في نصرة أهل العراق وجهادهم.
6. من الأمور التي ينبغي التنبه لها أن الصخب الذي صاحب الحادثة قد غطى على أمر أكثر أهمية وجعله يتراجع في سلم الأولويات، أعني بذلك الاتفاقية الأمنية التي قام المالكي بالتوقيع عليها مع الاحتلال الأمريكي بموافقة الحكومة العراقية وتصديق البرلمان العراقي بأغلبه عليه، وهذه الاتفاقية من أسوأ اتفاقيات الاستعمار، وهي ليست أمنية فحسب، بل عبارة عن عدد من الاتفاقات؛ الأمنية والسياسية والثقافية والمالية وغيرها، ولا نريد أن نذهب بعيداً كما ذهب البعض ونقول إن هذه الحادثة كانت بعلم المالكي، أو نقول إنها مدبرة لصرف الأنظار عن تلك الاتفاقية وخطورتها، لكننا نقول إن أمثال هذه الحوادث قد تستغل لتمرير مشاريع خطيرة فلا بد من التنبه لذلك.
7. في الختام فإننا لا بد أن نحمد الله عز وجل على ما ابتلى به هذا الرجل من ذل وهوان من حيث لم يحتسب، فهذه النهاية الأدبية والمعنوية لم تكن لتحصل إلا بأمر الله، كما قال جل وعلا: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 4، 5]، فنصر الله متحقق لكنه يحتاج إلى رجال لا يعزلون قضايا الأمة عن العقيدة والشريعة، فالأمم والجيوش تهزم بمعصية أو ذنب فكيف إن فرطت في العقيدة والتوحيد؟ فلابد للأمة إن أرادت أن تنتصر على عدوها أن تحقق توحيد ربها وعبوديته على الوجه الذي يرضيه، فإن هي فعلت فقد بانت بوارق النصر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[24 - 12 - 08, 07:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي على النقل
وبارك الله في شيخنا الشيخ ناصر العمر
ـ[حمدي أبوزيد]ــــــــ[24 - 12 - 08, 10:00 ص]ـ
إن في هذه الواقعة لأكبر عبرة أنه إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده.
بوش يظن نفسه امبراطور ويملك الأرض فأذله الله شر ذلة!
وستبقى تلك الذكرى مخلدة في التاريخ .. حتى يعتبر من أراد أن يعتبر!!
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[25 - 12 - 08, 07:26 م]ـ
كان على بوش أن يحمد الله أنها لم تكن طلقة رصاصة وجت على الجزمة (ابتسامه)