تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البخاري. معنى هجمت عينك أي: غارت وضعفت لكثرة السهر. ونفهت نفسك: كلَّت، وملَّت، وتعبت. إن لنفسك عليك حقاً: تعطيها ما تحتاج إليه ضرورة البشرية مما أباح الله من الأكل والشراب والراحة، الذي يقوم به بدنه ليكون أعون على عبادة ربه - هذا كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث.

ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[06 - 08 - 07, 09:29 م]ـ

منع النفس عن الصغائر

وكذلك فإن من سياسة النفس لجمها عن الذنوب الصغيرة واحتقار الذنوب، إياكم ومحقرات الذنوب، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) حديث صحيح. بعض الناس يتساهلون بنظرة محرمة، وكلمة غيبة في عرض مسلم، ودرهم من شبهة أو حرام، يذهب إلى وليمة لم يدع إليها، لا يرد كتاباً استعاره يقول: هذه أشياء بسيطة. فقد ضرب لنا مثلاً بالأعواد التي تجمع فتحرق. وهكذا الذنوب الصغيرة تجتمع فتحرق صاحبها، وقد تحرق الشرارة بلداً.

ومعظم النار من مستصغر الشرر

ويتبع هذا في وسائل ترويض النفس لجمها عن التساهل وعدم التحرج من المعاصي، مثلما يفعل بعض الناس الآن من التوسع في قضية الضرورة، فيجعلون أموالهم في بنوك ربا وهم يقدرون على استعمالها بغير ذلك. المرأة تتوسع في الكشف عند الطبيب، والطبيب يتوسع في الكشف على المريضة، والناس يتوسعون في التصوير، كذلك ما يحدث من التوسع في الخادمات، وليست متحجبة كما ينبغي، والسائقين، والتساهل في لباس البنات الصغيرات. والتساهل له صور كثيرة ولذلك سنخصه إن شاء الله بمحاضرة. لكن من وسائل ترويض النفس لجمها عن التساهل؛ لأن هذا انزلاق وتحته واد سحيق، وإذا انزلق في البداية فالجاذبية لن تساعده على التوقف، وإنما ستجذبه إلى الهاوية ولا شك.

ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[06 - 08 - 07, 09:30 م]ـ

إصلاح الخواطر

أيها الإخوة! إن من الوسائل العظيمة في ترويض النفس وجعلت هذا الجزء الأخير من الكلام وخصصته بتركيز معين، لأهميته وهو إصلاح الخواطر. فإن هذا الكلام فيه شيء من العمق يحتاج إلى تأمل خطورة الخواطر. أولاً: الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يعلم السر وأخفى، يعلم الكلام الجهري والكلام السري، والكلام الذي في نفسك، والخواطر التي في عقلك وذهنك وقلبك، والشيء الذي لم يخطر بعد أو أنه سيخطر. فهو الحي القيوم الذي لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم، ملك السماوات والأرض، الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، العالم بكل شيء الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم، فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب، حيث لا يطلع عليها إلا الله -أورد هذا الكلام ابن القيم في كتابه طريق الهجرتين.

وهو الرقيب على الخواطر ****واللواحظ كيف بالأفعال بالأركان

وهو الحفيظ عليهم وهو ****** الكفيل بحفظهم من كل أمر عاني

فالقلب لوح فارغ، والخواطر نقوش تنقش فيه، ولا بد من الخواطر، أي: هل تستطيع أن تمنع نفسك من الخواطر؟ هل تستطيع أن تغلق ذهنك وتبقى بدون خواطر؟ لا يمكن. حاول أن تقفل عقلك ولا يخطر في بالك أي شيء وأنت صاح، وقد خلق الله سبحانه وتعالى النفس شبيهة بالرحى الدائرة -الرحى: آلة الطحن- التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه، فإن وضع فيها حب طحنته، وإن وضع فيها تراب أو حصى طحنته، فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحَبِّ الذي يوضع في الرحى، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط، بل لا بد لها من شيء يوضع فيها، فمن الناس من تطحن رحاه حباً يخرج دقيقاً ينفع به نفسه وغيره، وأكثرهم يطحن حصىً ورملاً وتبناً ونحو ذلك، فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه، ذكره ابن القيم في كتاب الفوائد. ومعلوم أنه لم يعط الإنسان إماتة الخواطر ولا القوة على قطعها، فإنها تهجم عليه هجوم النفس، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له، وعلى دفع أقبحها وكراهته له ونفرته منه، كما قال الصحابة: (يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه ما أن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير