تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكثرة التعديلات التي أدخلت على الميلادي والشمسي، مازالت آثارها بادية حتى اليوم، في احتفال النصارى الاوروبيين بعيد ميلاد السيد المسيح يوم 25 ديسمبر، بينما يحتفل به الشرقيون - كأقباط مصر - يوم 7 يناير، وهذا سيقودنا إلى إحدى المعجزات العجيبة لمكة المكرمة.

المعجزة الزمانية لمكة

من المعروف فلكيا أن ميل محور الأرض على مدار الشمس جعله الله (5،23) درجة حتى تتقلب الفصول على مدار العام. وتتعامد الشمس فوق خط عرض (5،23) في نصف الكرة الشمالي المعروف بمدار السرطان في يوما 22 يونيو ويسمى موضعها باسم "الانقلاب الصيفي" ( SUMMER SOLSTICE) ثم يقل تعامد الشمس تدريجيا حتى يصل في 23 سيتمبر إلى "الاعتدال الخريفي" ( AUTUMNAL EQUINOX) وهي فوق خط الاستواء. ويحدث الانقلاب الشتوي ( AUTUMNAL SOLSTICE) في نصف الكرة الجنوبي يوم 22 ديسمبر. ومن الواضح أن سبب حدوث الانقلابين هو تساوي خطى عرضي مدار السرطان والجدي مع ميل محور الأرض على مدار الشمس.

وقد لاحظ بعض الباحثين،أن اليوم الذي يسبق حدوث "الانقلاب الشتوي" فوق مدار الجدي هو يوم 21 ديسمبر، أي تعامد الشمس وقت الظهيرة، يقابله في مكة وقت غروب الشمس وآذان المغرب كل عام. والفارق بينها هو (5 ساعات، 48 دقيقة، 45 ثانية).

وقد خلص هؤلاء الباحثون إلى أن هذا الفارق الزمني يعادل ربع يوم. ولو كان الغربيون القدامى قد عرفوا أن هذا التوقيت له قدسية خاصة ترتبط بمكة، لما كانوا في حاجة إلى إضافة "ربع يوم" الى كل سنة ميلادية، ولما كانوا في حاجة إلى التصحيح الذي أجراه "جريجورى الثالث" عام 1582، باختلاق أسماء مضحكة بجعل بعض السنوات بسيطة وأخرى كبيسة.

ولو كانوا أيضاً قد اعتبروا اليوم السابق للانقلاب الشتوي 21 ديسمبر نهاية للسنة الميلادية، بدلا من يوم 31 ديسمبر، لما كانوا في حاجة إلى التصحيح الجريجورى الثاني الذي قفز بيوم 4 أكتوبر إلى يوم 15 أكتوبر، ذلك أن الفارق في كلتا الحالتين (11). ولكانت السنة الميلادية تبدأ من الانقلاب الشتوي يوم (22) ديسمبر.

وهكذا تتأيد قدسية مكة زمانيا ومكانيا، في ضوء العلم الحديث.

الرابطة القدسية بين مكة وبيت المقدس

أجمع المؤرخون على ان المؤسس لبيت المقدس، هو "يعقوب" حفيد "ابراهيم" عليهما السلام، وكان الفارق الزمني بينهما قرابة 40 سنة. وفى الحديث عن أبى ذر الغفارى، انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض، فقال: "المسجد الحرام. قلت: ثم أي، قال: المسجد الاقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: اربعون سنة. ثم الأرض لك مسجد فحيثما ادركتك الصلاة فصلّ".

وعندما شرعت الصلاة في صدر الاسلام، اتخذ المسجد الاقصى قبلة ووجهة للمصلين باعتباره البقعة الطاهرة الخالية من الاوثان التي يعبد فيها الله دون شريك، بينما كانت الاوثان - وقتئذ - مازالت حول الكعبة. وقد ورد هذا في الآيات الكريمة: "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوبَ الموتُ، إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق، إلهاً واحدا ونحن له مسلمون". (البقرة - 133).

وقد جعل الله لهذا المكان الطاهر قدسية خاصة وحَبَاه ببركة مميزة ومكانة سامية، تأكدت بقوله تعالى بعد حادث الإسراء والمعراج: http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_R.GIF سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_L.GIF " الاسراء - 1".

ولعل الحكمة الإلهية في توجه المسلمين الأوائل في صلاتهم إلى هذه البقعة المباركة، هي تأكيد ارتباط الاسلام بها، فالى جانب أنها كانت خلواً من الأوثان فقد فاضت البركة على المنطقة التي حولها، كماجاء في الآية الأخيرة بقوله تعالى: http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_R.GIF الذي باركنا حوله http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_L.GIF. وقد تمثلت هذه البركة في إشراق نور التوحيد بالرسالات السماوية السابقة للإسلام، على لسان كثير من الأنبياء، في هذه المنطقة، مصداقاً لقوله تعالى: http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_R.GIF أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم، وممن حملنا مع نوح، ومن ذرية ابراهيم واسرائيل (يعقوب) وممن هدينا واجتبينا، إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_L.GIF. ( مريم 58).

وقد تأكدت مباركة الله للمنطقة حول المسجد الأقصى بقدوم موسى عليه السلام إليها، ومعه قومه فارين من ظلم فرعون مصر، كما ورد في الآية: "وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية، فكلوا منها حيث شئتم رغدا، وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين "البقرة 85".

ثم تأكدت المكانة لنفس المنطقة برسالات داوود وسليمان وزكريا ويحيى، حتى بعث المسيح عيسى عليه السلام فيها، وبسبب هذه المكانة كانت قبلة لصلاة المسلمين في أول أمرهم، ولكن بعد أن توطدت اركان الاسلام وقويت شوكته بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وتأكدت مكانة محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه خاتم الأنبياء، بعد صلاته اماماً يتقدم أنبياء الله جميعاً في بيت المقدس ليلة الإسراء، تحولت القبلة الى مكة، وكان ذلك بمثابة بشارة من الله تعالى لرسوله، بقرب الفتح وزوال الأصنام من حول الكعبة، كما ورد في الآية: http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_R.GIF قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره http://haras.naseej.com/Images/BRAKET_L.GIF " البقرة - 144".

وهكذا كانت الصلاة ثانية اركان الاسلام، هى الرابطة بين أطهر مكانين على وجه الأرض.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير