تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يعني بذلك الرماة) اهـ باختصار يسير.

فتأمل في هذه القصة حق التأمل، وانظر كيف كان حب الدنيا سبباً للخطأ في الاجتهاد في أمر الأسارى في أخذهم والاستكثار منهم أولاً بدلاً من الإثخان أثناء المعركة الذي هو أحب إلى الله، ثم في قبول الفداء؛ فلقد كان دافع الكثيرين في قبول الفداء ليس المصلحة كما كان اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه، وإنما كان إرادة الدنيا، قال تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال: من الآية67].

مع أن الأمر كان اجتهاداً فيه تخيير مصلحة وليس تخيير شهوة بين القتل والمن والفداء والاسترقاق، فانظر كيف التبس الأمر على خيرة أهل الأرض من أصحاب الأنبياء –أهل بدر- فجلَّى القرآن لهم دوافع النفس الخفية وتعلقها بالدنيا لأنهم يُعَدُّون لإمامة الناس والتمكين في الأرض الذي يصحبه أن تفتح عليهم الدنيا، فلو لم يفتشوا في أنفسهم ويعرفوا عاقبة المعصية لأهلكتهم الدنيا كما أهلكت من قبلهم، فهل نفتش في أنفسنا ودوافع اختيارنا لمواقعنا وآرائنا فضلاً عن صراعاتنا واختلافاتنا حول الدنيا محضاً بلا لبس، ونسأل الله العافية.

وكما بين الله تعالى في الآية الأخرى: (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) [آل عمران: من الآية152] .. فلابد أن نراجع أنفسنا حين تبتلى أمتنا ببلايا ومحن والتي من أعظمها ما يتسلط به الأعداء عليها حتى تسلط شرار الخلق أعداء الله وملائكته وكتبه ورسله من اليهود والنصارى والمشركين.

عندما يتسلط هؤلاء على المسلمين فيؤذونهم، وينتهكون حرماتهم، ويغتصبون نساءهم، ويقتلون أفرادهم، ويهدمون بيوتهم، والعالم كله من ورائهم يبارك فعلهم ويرضى بظلمهم ويوجب عقاب هؤلاء المسلمين الآثمين إذا حاولوا رد كيد المعتدين ودفع ظلم الظالمين، بل عليهم أن يستسلموا استسلاماً وأن يرضوا بالهوان مقاماً، فصاروا كشاة الهوان مع الذئب الخؤون لا يجوز لها صياح ولا يصح منها أنين .. العالم كله مقتنع أنه يجب معاقبة الشاة عقاباً زاجراً إن قالت (لا) وهي تُلتَهَم ويُسفَك دمُها، وكيف تجرأت وأن حركت رجلها أثناء التهام الذئب لها؟ كيف تفعل ذلك مع الذئب؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وهذا التقصير ليس تقصير جيل بعينه، بل هو ثمرة قرون متعددة وأجيال متتابعة، ولا شك أن الأجيال الحاضرة لها نصيبها الموفور من ذلك التقصير .. ونحن نشهد أحوالنا أحوال من ينتسب إلى الالتزام ولا أقول أحوال الملتزمين؛ فهذا التقصير الذي هو من عند أنفسنا وبذنوبنا هو الذي أدى إلى ما أدى إليه وإلى ما سوف يؤدي إليه .. إذا كانت أجيال سابقة هي التي تركت لنا هذه التركة المثقلة بتلك الأحمال الهائلة، وهذه الأمراض التي استشرت في جسد الأمة وصارت بؤراً من الآلام في مختلف القطاعات، فكيف سنترك الحال لمن بعدنا؟

فليتأمل كل منا أمره ليعرف ما الذي يجب عليه في أمر دينه خاصة الشباب .. شباب الأمة معقد الآمال.

فيا أيها الشاب لابد أن تكون مؤثِّراً في حياة أمتك، لابد أن يكون لك دور إيجابي في تغيير الواقع المؤلم إلى واقع هو أرضى لله ورسوله .. لابد أن يكون لك شأن عظيم فأنت مهيئاً لمهمة عظيمة.

أيها المسلم وأيتها المسلمة: قد هيأكم الله لأشرف منزلة, اصطفاكم لكلمة التوحيد التي حرمها من لا يستحقها من الأمم الضالة التي تحيا حياة البهائم والتي لا تعرف إلا اللهو واللعب، يعيشون لبطونهم وفروجهم وشهواتهم ويريدون أن يغوى الناس كما غووا ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. وأنتم قد اصطفاكم الله واجتباكم وأنعم عليكم بهذا الدين الذي ما جعل عليكم فيه من حرج خالصاً من الشوائب منزَّهاً عن المعائب أبيض نقياً صلباً كالصفا سهلاً ميسراً، وجعل كل عقبة تحول دون سلوك الطريق عقبةً مضمحلةً سرعان ما تزول بأدنى جهد مع الاستعانة بالله تعالى، وإن كان العمل ليس سهلاً إلا على من سهله الله عليه ويسره الله إليه, ولكن لابد أن نسعى لتخطي العقبات ولابد أن نزيل ما كان من قبل أنفسنا ليغير الله ما بنا.

والقضية بلا شك خطيرة أن نرى ما يفعله الأعداء بنا ثم لانشغل أنفسنا إلا بأنواع الرغبات الدنيوية التي أحياناً تلبس لباس الرغبة في الآخرة كما يجري اليوم عند البعض هنا وهناك هذا غير التنافس على الدين ..

لابد أن نعالج تلك الأمراض التي تؤدي إلى تسلط الأعداء وهزيمة المسلمين، وما ينتصر العدو إلا بسببنا .. هو في نفسه مضمحل ولكن بشرط أن يقف الحق أمامه (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) [الإسراء:81]، فبمجرد مجيء الحق يزهق الباطل، ولكنه ينتفش وينتصر في الظاهر إذا ضعف الحق أمامه أو إذا زال الحق بالكلية.

لابد أن نعالج تلك الأمراض التي تستشري في جسد الأمة والتي أدت إلى حالها التي عليها، ولو قصرنا فربما جاءت الأجيال القادمة وهي أشد سوءاً مما نحن الآن عليه.

لا بد أن نسمع لعلماء الأمة المعتبرين بالدين وهم قلة قليلة. لا بد أن نعود للحق والهدى والتوبة النصوح وترك الحزبيات وصراعاتها، وترك الولاءات لأعداء عقيدتنا السمحاء،فهذا ذنب عظيم لو يعلمون!!

ومن ثم يأتي مخبرهم ويقول كيف سننتصر؟؟

بل لِمَ لا يستجيب الله تعالى لنا؟؟

قل هو من عند أنفسكم

اللهم هل بلغت، اللهم فأشهد .....

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/misc/progress.gif

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير