[أسباب النصر والتمكين.]
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[05 - 01 - 09, 04:49 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد:
إن المتأمل في واقع المسلمين اليوم، والمتأمل في الأحداث الجارية والوقائع الساخنة، ليدرك تمام الإدراك صدق نبوة النبي- صلى الله عليه وسلم – حينما يرى الأمم الكافرة تتداعى على أمة الإسلام كما يتداعى الجياع إلى قصعتهم، فيقع ذلك الإخبار الغيبي الذي أخبر عنه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي خرّجه أبو داود – رحمه الله تعالى – عن ثوبان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
[" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟! قال: " بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال:
" حب الدنيا وكراهية الموت "].
قال:"بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ".
أكثر من مليار مسلم!، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، وغثاء السيل هذه الكلمة مبناها قليل لكنها جمعت معان كثيرة – ولا غرابة في ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أوتِيَ جوامع الكلم.
ومن معانيها: أن الغثاء الذي يحمله السيل يسير معه محمولا مع تياره، وهكذا أمة الإسلام تجري مع تيار أمم الكفر حتى لو نعق "بهيئة الأمم" غراب، أو طن في "مجلس الفتن" ذباب، لخروا على ذلك صما وعميانا، وجعلوه كتابا محكما وتبيانا، وسموه " الشرعية الدولية!! ".
ومن معانيها أيضا: أن السيل يحمل زبدا رابيا لا ينفع الناس، وكذلك أمة الإسلام لم تعد تُؤدي دورها الذي به تبوأت مقدمة الأمم، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن معانيها: أن الزبد سيذهب جفاء، ولذلك سيبدل الله تعالى من تولى، ويُمكن للطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي تنفع الناس في الأرض.
ومن معانيها: أن الغثاء الذي يحمله السيل خليط من قاذورات الأرض، وفتات الأشياء، وكذلك أفكار كثير من المسلمين تقميش من زبالة الفلسفات، وحثالة الحقارات -ولا أقول الحضارات-، وقلامة المدنيات، وظلمة العلمنة والإلحاديات.
ومن معانيها: أن الغثاء الذي يحمله السيل لا خير فيه من زبد ووسخ وقش ومزابل فهو يجرف ما لا خير فيه، وهكذا كثير المسلمين – إلا من رحم ربي – لا خير فيهم كحال هذا الغثاء والله المستعان.
ومن معانيها: أن الغثاء الذي يحمله السيل لا يدري مصيره الذي يجري إليه، فهو كمن حفر قبره بظفره، وهكذا أمة الإسلام لا تدري ما يخطط لها أعداؤها،ومع ذلك، فهي تتبع كل ناعق،وتميل مع كل ريح إلا من رحم الله، وقليل ما هم.
أيها الإخوة:
ما هو سبب تداعي هذه الأمم الكافرة على هذه الأمة؟!
قال تعالى:
{{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}}.
وقال تعالى:
{{أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم}}.
قال الحافظ أبو الفدا ابن كثير- رحمه الله تعالى – في تفسيره عند قوله تعالى:
{{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}}.
قال:
[[أي: مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما هو عن سيئات تقدمت لكم، {{ويعفو عن كثير}} أي: من السيئات، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها، {{ولو يؤاخذ اللهُ الناس بما كسبواما ترك على ظهرها من دابة}} ... ]] إلى آخر كلامه – رحمه الله تعالى.
أخرج أبو داود – رحمه الله تعالى – في سننه عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
[إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم].
" إذا تبايعتم بالعينة " العينة نوع من أنواع الربا!
قال تعالى:
{{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}} حرب؟!!
نعم حرب، إن الربا أمره عظيم، هذا جزاء الربا، ما بالكم إذا ضم إليه انتشار الزنا والتبرج، وما بالكم إذا ضم إليه تعطيل الحكم بالكتاب والسنة والاستعاضة عنها بالدساتير الغربية، والأحكام الوضعية؟!!
¥