[إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم].
إن هذا الحل النبوي إنما اقتبسه النبي -صلى الله عليه وسلم- من آية عظيمة في كتاب الله تعالى، بل آيات تكاد تكون منسوخة من قلوب الناس!:
قال تعالى: {{إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}}.
وقال تعالى: {{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}}.
وما أجمل تلك العبارة والكلمة الرائعة التي قالها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-:
[إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام،، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله].
أيها الإخوة:
إن أسباب النصر والتمكين والاستخلاف والأمن والأمان قد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم في آية واحدة!:
قال تعالى:
{{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخْلِفَنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليُمكِّنَنَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليُبدِّلنَّهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا}}.
أيها المؤمنون:
الله عز وجل في هذه الآية قال " وعد الله .. " وإن وعدالله لا يتخلف أبدا، بل من اعتقد أن وعد الله تعالى يتخلف فهو كافر مكذب للقرآن العظيم، فما الذي تخلّف في هذه الآية من شروط التمكين والاستخلاف؟!
كل عاقل سيقول حتما الذي تخلف هو الإيمان الصحيح والعمل الصالح:
" وعد الله الذين آمنوامنكم وعملوا الصالحات .. "
إذا السؤال الذي يفرض نفسه - كما يُقال- هو:
كيف نحقق هذين الشرطين؟!
إن تحقيق هذين الشرطين إنما يكون بالدعوة إلى الله عزوجل تصفيةً وتربيةً، قال تعالى:
{{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}}.
وقال تعالى:
{{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}}.
وقال تعالى:
{{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}}.
قال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في كتابه الماتع " جلاء الأفهام ":
[وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو].
وقال:
[وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه].
إذا الدعوة إلى الله عز وجل تصفية وتربيةً هي سبيل إقامة الدولة المسلمة؛ تصفية وتربية، تصفية لهذا الدين من كل ما عَلَقَ به من أوضار الشرك والبدع والخرافات، وتربية على هذاالدين المصفى أخلاقا وتعاملا وسلوكا تأسيا بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيرةالصحابة رضي الله عنهم.
فإن قال قائل: إلى متى هذه الدعوة؟!
قلت:
ما أجمل ما كان يردده المحدث الألباني- رحمه الله تعالى – كان إذا سئل هذا السؤال ردد بيتين قالهما امرؤ القيس في ديوانه يقول فيهما:
بكى صاحبي لما رأى الدربَ دونَهُ
وأيقن أنا لاحقانِ بقيصرا
فقلت له لا تبكِ عينك إنما
نحاول ملكا أو نموتَ فنعذرا
وخيرٌ من هذه الأبيات لهذا الشاعر الجاهلي قوله تعالى:
{{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}} أي: الموت باتفاق المفسرين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين، وارفع راية الموحدين، ونكس راية الكافرين.
وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[05 - 01 - 09, 05:06 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم على هذه الكلمات و التي أرجو الله تعالى أن تصل إلى قلوب المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها.
بورك فيك أخي.
ـ[ taleb-ilm] ــــــــ[05 - 01 - 09, 08:19 م]ـ
بارك الله فيك وثبتك على الحق
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[05 - 01 - 09, 11:27 م]ـ
بارك الله بك يا شيخ علي ك: أصبت كبد الحقيقة ....
فالله تعالى لا يخلف الميعاد .... وهذه وعود وعدها الله تعالى، فلو فعلنا ما فعل الصحابة والتابعين، لما حصل هذا معنا أبدا (أقصد الفئة التي تزعم الإلتزام بدين الله) لو كانت هذه الفئة على الحق والمنهج لما حصل شيء من هذا ولمكنها الله من الإمساك بزمام الأمور والنصر على العدو ....
(قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) البقرة.
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
(بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِبالسَّيْفِ، حتى يُعبدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أخرجه أحمد. وعلق البخاري بعضه في صحيحه.
فهذه راية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا تهزم أبدا، ومن تعلق بها لا يهزم أبدا ....
أما نحن الملتزمون فأحوالنا عجيبة: أنظروا إلى تعامل الكثير مع الكفار وعدم البراءة منهم.
أنظروا الى انتشار البيوع الربوية والأحتيال عموما على الأحكام الشرعية ..
أنظروا الى استخفاف الكثير بالأحكام الثابتة والنظر اليها كأمور بسيطة (يسمونها قشور) مقابل التدبير العقلي والسياسي ....
انظروا وانظروا ....
فالله المستعان ...
¥