ثانيا: النظريات التي لا يعارضها نص، ولا يؤيدها، يعني مسألة صعودهم القمر - إن صح ذلك – الذي يبدو أنها ما زالت نظرية، بل إن بعض أساطينهم يشكك في ما يدعون أنهم نزلوا عليه أهو القمر، أم غيره، ونحن لا نعرض النصوص لهذه النظريات، كشأن الذين يقولون: إن مما يدل على طلوعهم القمر قول الله – تعالى - ? فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ?] الرحمان: 33 [. هذا كذب؛ لأن الآيات تتحدث عن يوم القيامة ? يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ، فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ ?] الرحمان: 33 – 35 [الآيات كلها تتحدث عن يوم القيامة.
فسواء صعدوا إلى القمر أو المريخ ما يعنينا، إن ثبت علميا تجريبيا صحيحا بالتجارب الحقيقة الحسية؛ فنحن نقول: ليس عندنا في الشرع ما يعارض ذلك؛ ربما أن ذلك يحصل – الله أعلم -، لكن لا نتسرع في التصديق، ولا في التكذيب، وفي الوقت نفسه لا نستخدم النصوص لا في التصدييق، ولا في التكذيب - في أمر لا يؤيده الشرع، ولا ينكره.
المسألة الثالثة: إذا وجد في الشرع ما يشير إليه؛ مثل دوران الكواكب، وما إلى ذلك، ما عدا الأرض، أنا مع قصر علمي أتوقف في القول بدوارنها، وهم أنفسهم متناقضون في القول بدوارن الأرض، أما الكواكب الأخرى، لا شك أن الله – عز وجل - ذكر أنها تدور، ? وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ?] ياسين: 40 [هل تدخل في ذلك الأرض، أو لا تدخل، الله أعلم، نكل علم هذا إلى الله – عز وجل – ولكن نعلم أن الأرض ثابتة من حيث إنها لا تموج ولا تتحرك تحركا مضطربا، ? وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ?] النازعات: 32 [? وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ ?] المرسلات: 27 [.
وهم يؤمنون بأن الجبال مثبتة للأرض، ووازن لحركتها، هم يقرون بهذا، لكن هل تدور حول محورها؟، هل تدور حول بعض الكواكب؟ هل تدور كذا، وكذا؟، هذا أمر لا نتدخل فيه، إلا إذا ثبت ما يدل من العلم التجريبي الصحيح الثابت.
لكن دعوى أن الشمس ثابتة، والأرض تدور = هذا باطل فالشمس تدور لقول الله – عز وجل -: ? وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ?] ياسين: 38 [وجاء أنها تستأذن يوما ما؛ فلا يؤذن لها؛ فتطلع من المغرب (58).
فلا شك أن الشمس تجري، ومن زعم أنها ثابتة = فهو كذاب، بقي موضوع الأرض: أنا ممن يتوقف فيه، وإن كان شيخنا الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – له رأي في هذا وهو أنها لا تدور ألبتة، أقلّ ما نقول: هو التوقف؛ يعني إما أن تكون نظرية باطلة، وإذا بنا لم نقحم أنفسنا في إثباتها، أو إنكارها، وإما أن تكون نظرية صحيحة؛ فإذا بنا لم نعرض النصوص للإثبات أو الإنكار.
أما الكواكب، الشمس، القمر؛ فهذه تجري شاءوا أم أبوا، قالوا بذلك، أم لم يقولوا، ادعوا علما في هذا، أم لم يدعوا: ? وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ?] ياسين: 38 [وقوله تعالى ? وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ?] ياسين: 40 [.
هل هذا الفلك كله يدرو حول مجرة واحدة، بما فيه الأرض؟ الله أعلم.
لاشك أن النجوم تدور، والكواكب تدور، وتغرب، وتذهب، لكن هل الأرض تدرو، أو لا تدور؟ هذا أمر ما زالت نظريات، لا ينبغي أن نعرض النصوص لها: لا نفيا، ولا إثباتا.
هذا الذي يبدو لي في هذه المسألة.
النظريات التي فيها - هناك ما يشير إليها، أو ما يدل عليها، بعضها ثبت بالتجارب العلمية، وقد دلت الآيات عليها من مئات السنين، مثل قضية خلق الجنين من بين الصلب والترائب، يزعم أحد اليهود أنه هو الذي توصل إلى هذه النظرية: من صلب الرجل وترائبه، ومن صلب المرأة وترائبها، وليس المقصود أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة، بل من صلب وترائب الرجل، ومن صلب وترائب المرأة – الاثنين، وهذا أمر - الآن - ربما أنه ثبت عليما، والحمد لله أن القرآن قد سبق إلى بيانه، المهم نحن لا نعرض القرآن لهذه المسائل؛ لئلا
¥