تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا في غاية الخطورة، كيف كلام السلف أسلم، وكلام الخلف أعلم وأحكم؟!!

يعني قولون: إن السلف يقرأون النصوص ولا يفهمون معانيها، وإن المتأخرين من الخلف: من أهل الكلام والفلفسة = هم الذين توصلوا إلى معرفة حقائق الأشياء؛ فلذلك قالوا: إنهم أعلم وأحكم، وسبب قولهم هذا = أنهم فهموا أن السلف لا يعرفون معانِيَ النصوص، وأن النصوص عندهم عبارة عن نصوص جوفاء لا يُفْقَهُ لها معنى؛ حتى جاء المتأخرون من المتكلمين والمتفلسفين؛ فتوصلوا إلى حقائق الأشياء؛ فضلوا في فهم طريقة السلف، وأخطأوا في تصويب طريقة الخلف.

هذا هو الذي أوقعهم في هذا؛ كيف يكون أفراخ أفلاطون، وأفراخ اليهود والنصارى، وأفراخ الأنباط، والمتشبهون بالفلاسفة والمتكلمين أعلمَ بكتاب الله – عز وجل – من الصحابة والتابعين الذين عن بصيرة كفوا، وعلى قدم راسخة وقفوا، والذين هم أفهم الناس، وأعلم الناس بكتاب الله – عز وجل - وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وهل كان القرآنُ والسنة ألغازا وأحاجي امتحن بها الناس، أم كانت كلاما عربيا مبينا واضحا؛ يفهمه كل من أراد الفهم؟

إذًا طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم، أما طريقة الخلف؛ فإنهم تخبطوا؛ لأنهم استقوا علومهم من غير القرآن والسنة ? وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ?] النساء: 82 [.

هذا ما يتعلق بأهل الكلام.

الفرقة الثانية التي أشار إليها المصنف = الفلاسفة؛ والفلاسفة ظنوا أن الأمور تخييلية، وأنه قد قصد بها إصلاح العالم، وإلا فلا تقصد حقائقها؛ فأدى بهم ذلك إلى إنكار اليوم الآخر، وإنكار المغيَّبات.

ثم ضرب مثالا ثالثا للمتصوفة أصحاب الوجد والشوق والذوق؛ والذين يحكمون أذواق عقولهم، وفهمهم في الشريعة؛ حتى وصل بهم الأمر إلى سقوط التكاليف الشرعية، بل وصل بهم الأمر إلى أن يقولوا بوحدة الوجود، وهو:

الرب عبد والعبد رب /// يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك حق /// وإن قلت رب فأنى يكلف (145)

وهذا ما توصل إليه القائلون بوحدة الوجود مثل: ابن عربي، والفارابي، وابن سبعين وغيرهم من أئمة الضلال.

يقول: لكن كل شيء تراه في الوجود هو الله، فالجدار، والحيوانات، والجمادات، والنباتات، والسماوات، والأرض، و ... و ... و ... = هذا كله هو الله! بل قال فيهم ابن القيم – رحمه الله - (146):

يا أمة معبودها موطوؤها

لماذا قال: يا أمة معبودها موطوؤها؟

لأنهم يقولون: أعلى درجات الاتحاد مع الله = عندما يضاجع أهله!!

هذه أعلى درجات الوحدة مع الرب – سبحانه وتعالى –؛ تعالى الله عما يقول المجرمون علوا كبيرا.

وقد حشي كتاب (الإحياء) للغزالي من هذه الأمور، كما حشيت (طبقات الشعراني) من الكفريات والإلحاديات، وقد حشيت (كتب الشعراني) وكتاب (المشرع الروي في تراجم آل علوي) (147)، وجاء أبو يزيد البسطامي الذين يسمونه طيفور الذي هو يعتبر المؤسس للقول بوحدة الوجود الذي يقول: لا تقل سبحان الله؛ فإنك – حينئذ – تكون سبحت نفسك؛ وإنما تقول: سبحاني سبحاني ما أعظم شأني! ونحو ذلك.

إخوتي ترى هذه الأشياء موجودة – الآن – تدرس في جامعات المسلمين في بعض البلاد على قدم وساق؛ بدعوى أنها من العلوم الشرعية؛ فمن سلك هذا الطريق = ينتهي به الأمر إلى أن يترك الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج؛ لأنه وصل إلى مرحلة تسقط عنه فيها التكاليف.

كنت في إحدى البلاد الإسلامية؛ فكان في الشقة التي تحتنا رجل عجوز، وزوجته عجوز مثله، وثالثهم كلبهم، وأولادهم قد ذهبوا إلى أعمالهم وتركوهم؛ فرأينا ذلك العجوز لا يصلي = جالس على الأغاني والإذاعة ويستمع الغناء، فقلنا له: يا عم فلان! لماذا لا تصلي؟

قال: أنا لا أحتاج إلى الصلاة!؛ لأن شيخ الطريقة فلانا يتحمل عني كل شيء، شيخ الطريقة يتحمل عني كل شيء!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير