الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
أولا: إن كنت متأكدا من أن هذا الشيخ أجاب بهذا الجواب الذي ذكرته فهو لا يعدو أحد رجلين:
إما أن يكون جاهلا بتاريخ الشريعة الإسلامية وأحكامها وحِكَمِها، وإما أن يكون له قصد واتجاه هو أدرى به.
وعلى كلٍ فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يقاطع اليهود في أول الأمر حين كانوا مسالمين لأنهم لم تظهر لهم نوايا ضد الإسلام والمسلمين، فلما علم صلى الله عليه وسلم نواياهم وخاف من شرهم وضررهم وقد نقضوا عهودهم قاطعهم وحاصر قراهم، فقد حاصر بني النظير وقاطعهم وقطّع أشجارهم ونخيلهم، واستمر حصاره لهم صلى الله عليه وسلم إلى أن سلّموا وطلبوا الجلاء عن المدينة، وقد ذكر الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه قصتهم، وذلك أنهم لما نقضوا العهد حاصرهم صلى الله عليه وسلم وقطّع نخيلهم وحرقها، فأرسلوا إليه أنهم سوف يخرجون، فهزمهم بالحرب الاقتصادية، وفيها نزل قوله تعالى (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين).
فكانت المحاصرة وإتلاف مزارعهم ونخيلهم التي هي عصب قوة اقتصادهم من أعظم وسائل الضغط عليهم وهزيمتهم وإجلائهم من المدينة.
وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم مع بني قريظة لما علم خيانتهم وتمالئهم مع الأحزاب، حاصرهم حصارا محكما حتى نزلوا على حكم الله، فقتل مقاتلتهم وسبا نسائهم و ذراريهم.
ثم إن قياس حالة الأمريكان واليهود والنصارى وشركاتهم في وقتنا الحاضر على يهود المدينة الذي هم قلة بالنسبة للمسلمين، مع أنهم لم يعلنوا الحرب قياس فاسد، لأن الأمريكان واليهود والنصارى وشركاتهم لا يفتأون يشنون الحروب على الشعوب المسلمة في فلسطين وفي العراق، ويدعمون أعداء الإسلام في حروبهم ضد المجاهدين، كدعمهم الروس في قتالهم ضد المجاهدين في الشيشان، وكدعمهم الفلبين في قتالهم ضد المسلمين هناك، وكدعمهم للمقدونيين في قتالهم ضد الألبان المسلمين.
فهؤلاء حربيون لوقوفهم مع أعداء المسلمين الصهاينة في فلسطين، فهم يدعمونهم بالمال والسلاح والخبرات، ولولا دعمهم المتواصل منذ خمسين عام لدولة الصهاينة لما ثبتت لهم قدم في فلسطين، لأن اليهود من أجبن خلق الله كما حكى الله سبحانه وتعالى عنهم ذلك في كتابه العزيز، حيث قال (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر .. ) الآية، وكذلك حكى سبحانه وتعالى عنهم أنهم لما قال لهم موسى عليه الصلاة والسلام (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) ذكر الله سبحانه انهم أجابوه فقالوا (يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون. .) إلى قوله تعالى (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) الآية.
فلولا دعم الأمريكان والإنجليز والشركات اليهودية والنصرانية للصهاينة لما تمكنوا من الإقامة في فلسطين.
إذن قياس هؤلاء المحاربين للإسلام الحاقدين على المسلمين على حفنة من اليهود كانوا في المدينة تحت موادعة المسلمين قياس فاسد كما تقدم.
فإذا كانت الشعوب الإسلامية في الوقت الحاضر ليس لديها قوة في الجهاد المسلح ضدهم بسبب الخلاف القائم بين حكام المسلمين وتخاذلهم عن إعلان الجهاد وارتباط أكثرهم بالدول الكافرة فلا أقل من المقاطعة الاقتصادية ضدهم وضد شركاتهم وبضائعهم.
وبناءا على ما قدمته فإنني أحث إخواننا المسلمين في المثابرة والمصابرة على هذا الجهاد، قال تعالى (يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا .. ) الآية، وأن لا يملوا أو يتكاسلوا فإن النصر مع الصبر، وأن يجتهدوا في مقاطعة الشركات والبضائع الأمريكية والبريطانية واليهودية مقاطعة صارمة وقوية وشاملة، قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى .. ) الآية، وقال عليه الصلاة والسلام: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم) رواه أحمد من حديث علي بن أبي طالب.
وقد لمسنا ولله الحمد فيما سبق وفيما تناقلته وسائل الإعلام أثر المقاطعة الشعبية السابقة على الاقتصاد الأمريكي والبريطاني واليهودي.
والحاصل أن أمريكا وبريطانيا وراء محاربة الجهاد في كل مكان، وهم وراء دعم الصهاينة في فلسطين، ووراء الحصار الاقتصادي على دولة طالبان الإسلامية في أفغانستان، ووراء دعم الروس ضد المجاهدين الشيشان، ودعم النصارى ضد إخواننا المجاهدين في الفلبين وإندونيسيا وكشمير وغيرها، وهم وراء دعم أي توجه لإضعاف الجهاد الإسلامي وإضعاف المسلمين، ووراء محاصرة شعب العراق المسلم وشن الغارات اليومية عليه منذ أكثر من عشر سنين ظلما وعدوانا، مع قطع النظر عن حكامه.
وقد صدق فيهم وفي غيرهم قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية.
اللهم عليك بالأمريكان والبريطانيين واليهود والنصارى وأعوانهم وأشياعهم، اللهم اشدد وطأتك عليهم واجعلها سنين كسني يوسف، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين إلى أن يصدعوا بالحق وألا يخشوا في الله لومة لائم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
4/ 4 / 1422 هـ
وأشكرك أخي الحبيب على مشاركتك الرائعة.
جعلنا الله عونا وسندا لإخواننا في غزة