تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أبٌ فَلَسْطينيٌ يَرْثي ابنته التي قُتٍلَتْ يوم زفافها!!

ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[14 - 02 - 09, 01:25 م]ـ

?بسم الله الرحمن الرحيم?

فهذه قصيدة كتبتها بمداد أشجاني، وسطرتُ حروفها بدموع أحزاني، وجعلتُ منطقها على لسان أبٍ فلسطيني بائسٍ، يرْثي ابنته الصغيرة التي قُتِلتْ يوم زِفَافِها، وذُبِحتْ فرْحتُها وهي في ربيع عمرها، أمام عين أبيها وهو واجم القلب محسور، لم يملك إلا أن يقول وصدره بالحزن مغمور:

إنْ جاء فرحٌ أو ألَمَّ سرور ... فالدمع باقٍ في العيون بحور

ياعين هاتِ الدمع بل هاتِ الدِّما ... هذا دواء القلب وهو كسير

نيران جرحِ لم تزل بين الحشا ... تغلي مراجلها بها وتفور

يا لوعة النفس التي قد جُرِّعتْ ... كأسَ العذاب وشانها التكدير

دعْ عنك لومي في مصابي لائمي ... ما كلُّ مكلوم الضمير يثور

واسمع مصيباتٍ حللْن بساحتي ... كاد الفؤاد لِهَوْلِهِنَّ يطير

يا ناعيَ الإسلام أقبلْ باكيا ... قد حان وقت النعْي والتَّغْبِير

زفراتُ حسْرة أمتي أمستْ لها ... نَفْسُ الرحيم من البكاء تخور

ناحتْ على الأيْكُ الحمائم بعدما ... كانت لها فوق الغصون هدير

وتحجَّبتْ شمس الحياة بنورها ... واستوحشتْ بعد الأمان صدور

فاسأل دياراً بالدماء تخضَّبتْ ... جدرانها وظلامُها منشور

ما حالها .. عمَّ الأنينُ بِدُورِها ... والفرح فيها ميِّتٌ مقْبور

تلك المساكن إنْ تَسَلْ عن شأنها ... تُخْبِرْك أحجارٌ لها وصخور

في أرضها سالتْ مدامعُ أهلها ... وصُراخُ صوتِ نسائها مَهْدور

أوَمَا ترى ثكْلىَ هناك وقلْبُها ... مِنْ فرْطِ كثرة حزنها مفطور

تلك المآسي قد ذَهَبْنَ بفرحتي ... فنهارُ أملي في الحياة قصير

... *** ... *** ... ***

دارتْ بأرض القدس كاساتُ الرَّدَىَ ... ليلا .. وغاراتُ الزمان تُغيرُ

في غزَّةِ الأوطان كان مُصَابُنَا ... جَرَّاءَ قَصْفٍ شأنُهُ التدميرُ

عصفتْ رياح القهر غدْراً بابْنتي ... في يوم عُرْسٍ والشموعُ تدور

كانت كَبَدْرٍ أشْرقتْ أنواره ... ليلَ الزِّفافِ وقد علاها النور

فالثَّغْرُ منها باسمٌ مُتَلأْلأٌِ ... والوجه منها مُشرقٌُ ونضير

والكون يضحك والسماء مُضيئةٌ ... والفرح في مُقَلِ العيون غزير

لكنَّ أفراح القلوب تبدَّلتْ ... حُزْناً .. وأظلم ربْعُنا والدُّور

وتكدَّرتْ بعد السرور نفوسُنا ... وتمزَّقتْ بعد الوصال ستور

لَمَّا أصاب صغيرتي سهمُ العِدَا ... وتغَيَّبتْ شمسٌ بها وبُدُور

... *** ... *** ... ***

لهفي على الجسد الْمُضَرَّجِ بالدِّما ... بين الحجارة قد علاه زفير

نادى بصوتٍ خافتٍ كادتْ له ... نفْسي تذوب بلوعة وتمور

فَهَوَيْتُ نحو الصوت ألتمس النِّدا ... والطرفُ مِنْ هوْل المصاب حسير

فإذا دماء صغيرتي خَضَبَتْ يداً ... كانتْ تُداعبُني بها وتُشير

قد غيَّب القصْفُ الرهيب جمالها ... فالنحرُ منها نازفٌ مَنْحور

فَطَفِقْتُ أصرخ مِلْءَ صوتي: ويْلتي ... هل من مُغيثٍ فالدماء كثير

هل من طبيبٍ مُنْقِذي من نَكْبَتي ... عصفورُ قلبي مِنْ يدي سَيَطير

... *** ... *** ... ***

فإذا الطبيب وقد أتَى مُتلهِّفاً ... نحو ابنتي قد ساءه التأخير

فأصاب منها مدمعاً فاضت له ... عينُ الطبيب وشَانَهُ التغيير

فأشار من غَرْبِ العيون إشارةً ... : فاتَ الأوانُ وخاننا التقدير

عَجَزَ الدواء عن الشفاء وما لنا ... فيما قضاه إلِهُنا تخَيْير

إني أرى نَحْبَ الفتاة قد انْقَضَى ... وأنا بهذا عارفٌ وخبير

ثمَّ انْزوى عنا الطبيب وحُزْنُه ... لِمُصابِنا في وجهه مسطور

فَسَقَطْتُّ مُنْتَحِباً على جسد ابنتي ... أبكي وأنْعي حالنا وأثور

... *** ... *** ... ***

فَتَنَهَّدَتْ والدمعُ دون جُفونها ... دُرٌّ على وجَناتها منثور

وتنفَّستْ للموت قائلةً وقد ... قُصِمتْ بِزفرتها هناك ظُهُور

أوَّاهُ يا أبتاهُ من جرحٍ لنا ... نِيرانُه بين الضلوع سعير

قد برَّح الألمُ العقيم بمهجتي ... وأذاب قلبي: حسرةٌ وثبور

أحلامنا قُتِلتْ بغير جريرة ... وجَوَادُ فرحتنا هناك عقير

ما ذنبُنا كيما تسيل دماؤُنا ... وكأنها بحرٌ بنا مَسْجور

أبتاه لا تزْرِفْ دموعك واصْطبر ... عمَّا قليلٍ يَنْتهي المقدور

عمَّا قليلٍ تنْقضي أحلامنا ... ويغيضُ ماء حياتنا ويغور

ما ساءني ألمي .. ولكن ساءني ... زفراتُ حُزْنك في الهواء تطير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير