تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إيحاءات خاطرة: شؤم المعصية للأستاذ محمود عقيل العاني]

ـ[ماهر]ــــــــ[18 - 02 - 09, 08:55 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على حبيبي وقرة عيني المبعوث رحمة للعالمين، وعلى اله وصحبه ربيع الدنيا وأثمد العين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا، وبعد:

إن مما يشهده المسلم ويدركه معاينة بالمحسوس و الملموس،أن للذنوب والمعاصي أثرا في سيرته ومسيرته اليومية، وكذا من خلال عمله وتعاملاته.

ومما لايخفى ما ورد من الآثار عن بعض الأكابر أنهم قالوا: إنا كنا نلمس أثر الذنوب في خلق دابتنا ومعاملة أزواجنا كذلك.

وبعد التأمل فلقد نمت وكان يجول في خاطري أمر،وإذ أنا أسير بدرب وأمامي بيت شاهق البنيان، وعن يميني وعن شمالي حديقة نضرة، وإذ بخاطر أو مناد يلقي في روعي تاليا آيات من الذكر الحكيم مبتداء بسورة الحج من قوله ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)) (الحج:18) وكذا من قوله

((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)) (الإسراء:44) وكذا من قوله

((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)) (النور:41) ثم جاءني الجواب:

إن كل ذرات الوجود خاضعة لله جل في علاه، وجسم الإنسان ذاته خاضع أيضا كما دل عليه عموم كلمتي (كل) و (شي) في الآيات السابقة.

فإذا أصاب المسلم ذنبا أو وقع في معصية، فان ذاته ستمجه ابتداء، أما في الدنيا (ضيق وتعب وكآبة)

وأما في الآخرة ((حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ*وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ*وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (فصلت:20ـ23)

وهذا لذاته أولا، ثم يسري الأمر نفسه إلى جميع ذرات ومكونات الوجود الخاضعة بالفطرة لله رب العالمين، كل من الناس والدواب والأشجار والآكام و البحار والأحجار المذكورة في محكم التنزيل بأنها خاضعة ساجدة تسبح له ليل نهار.

وعندها سيحصل الصراع على شقين:

الشق الأول: مع ذاته؛ وذلك أن هذا الجسم وبما فيه خاضع لله كما ذكرنا، فإذا ما اقترف العبد معصية حصل النزاع بينه وبينه، وعندها لايقوى الجسد والروح على مطاوعته إلا مكرها فتتعسر الأمور وتضيق الصدور كأنها تصّعد إلى السماء.

الشق الثاني: مع الكون؛ والمقصد بما احتوى من أب وأم وإخوة وزوج وصديق وعمل ونجوم وشجر وكواكب ارض وسماء، وهي معبدة له، فإذا ما انحرف أو وقع في مخالفة شرعية فالكون بأسره سيصارعه ويزدريه امتثالا لأمره ((وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)).

وما أدل لذلك إلا ما ورد من أن الأرض ستشهد على بني الإنسان، وأنها ستستريح من العصاة الذين كانوا على ظهرها بعد أن أعدت نفسها للانتقام منهم وقد ضمتهم بين أحضانها ((وللقبر ضمة لو نجى منها احد لنجى منها سعد)) وشتان بين الضمتين.

حتى خروج الروح وعروجها واستقبال الملائكة لها من موقف الاشمئزاز والنفرة لسوء العمل وعلى خلافها إن كان من أهل اليمن والإيمان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير