تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[امتحان ينسى ... وامتحان يخشى "حدث يتكرر كل عام"]

ـ[سمير زمال]ــــــــ[27 - 02 - 09, 01:51 ص]ـ

حدث يتكرر كل عام حتى ألفه الناس ورغم تكراره إلا أنه يُحدث الهلع ويبعث على الخوف فترى جلّ الناس وأكثرهم قد ارتسم على قسمات وجوههم أثار الهم وسمات القلق وكلما اقترب موعد ذلك الحدث زادت مؤشرات الخوف ودواعي القلق، وهو حدث لا ينتهي بساعة أوبضع ساعات ولاينتهى بيوم أو يومين بل يستغرق أياماً متتالية، حدثٌ أشغل الصغار والكبار والذكران والإناث والآباء والأمهات والإخوان والأخوات فكل واضع يده على قلبه من فواجع ذلك الحدث والناس مابين خائف وجل ومستبشر حذر… ما هو هذا الحديث الذي شغل حياة الناس وشلّ حركتهم؟ فالتزم كثير من الناس بيوتهم فالشوارع قد خلت من مرتاديها والملاعب قلّ عاشقوها … هل هذا الجد والنشاط من أجل أن يدركوا جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر! هل هذا الجد و العزم من أجل الفرار من نار وقودها الناس والحجارة قد أكل بعضها بعضا! لا والله ولكنها مواسم الامتحانات. إنه الاختبار… حدث يحتاج منا إلى وقفات لأنه منعطف خطير في حياة الأبناء بل في حياة المجتمعات، ولذا كان لنا هذه الوقفات المهمة: ُّ

الوقفة الأولى: موجه لكل فرد فينا.

فلتعلم أنّ هناك امتحانا أعظم، أنت تخوض غماره، وهناك اختبار أكبر أنت تعيشه في كل لحظة. هو أعظم من هذه الامتحانات التي مرت عليك. إنه ما إن جرى عليك أمر التكليف (حين بلوغك) إلا وقد دخلت قاعة امتحان كبيرة. إنه امتحان من قبل الله سبحانه وتعالى. تمتحن فيها في كل ساعة و دقيقة، في كل لحظة و ثانية. فالمراقب ليس كالمراقب، ولا المواد كالمواد، و لا النتيجة كالنتيجة. أما المراقب في امتحان الدنيا فهو مخلوق ضعيف لا يملك لك لا حول ولا قوة. وأما المراقب في امتحان الله فهم كثر: فالملائكة تراقبك (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) الانفطار: 10 –.12وأعضائك تراقبك: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النور: 24. والأرض التي تمشي عليها تراقبك: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) الزلزلة: 4 وأعظم هؤلاء هو الله الذي ناصيتك بيده، وروحك التي بين جنبيك ملك له، وأنفاسك التي تدخل وتخرج في كل لحظة هو الذي يجريها: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) البروج: 9. وأما المواد في امتحانات الدنيا فهي قليلة؛ بعض كتب وصفحات معدودات. لكن مواد امتحان الله كثيرة جدا: تمتحن في جوارحك كلها: هل حافظت عليها، هل سخرتها في طاعة الله، هل شكرت الله عليها؟ تمتحن في كل نعمة انعم الله بها عليك، تمتحن في وقتك: كيف أفنيته؟ وفيما ضيعته؟ وأما النتيجة في امتحانات الدنيا فهي الشهادة، لكن في امتحان الله: إما أن تنجح وتفوز الفوز العظيم، وأما أن ترسب فتخسر الخسران المبين. والنتيجة تظهر عندما توشك أن تغادر هذه الدنيا. هناك عند سكرات الموت، لو ذقت حلاوة النجاح في امتحان الله فسوف تقول يوم القيامة: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) الحاقة: 19. (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران: 185، فيامن ترهبون امتحان الدنيا ... أين مساءلة النفوس ومحاسبتها للآخرة؟ وماذا أعددتم لذلك اليوم العظيم الذي يبدأ اختباره من لحظات الاحتضار، ثم سؤال الملكين؟ فلنعد للسؤال جواباً، وللحساب عملاً، قبل أن يتذكر المفرطون ويندم المقصرون.

الوقفة الثانية: توجه إلى ولي الأمر إلى حارس القلعة، ربان السفينة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير