ولم يبق فرق بين الذي راه الزوج من امرأته وبين الذي يراهـ منها الناس كلهم، فهي تمشي في الطريق على الحال التي خصها الشرع والطبع والنقل والعقل بالزوج وحدهـ، بل ان الزوج لايرى امرأته الا على شر حال: بالوجه الكالح والشعر المنفوش ولايشم منها الا ريح البصل والباذنجان، وتكون امامه بثوب البيت العريض الساتر، فاذا خرجت الى الشارع عرضت على انظار الغرباء وجها مجملا وشعرا مرجلا وملات انوفهم بأريج العطر، ولبست لهم بدل ذلك الثوب الساتر العريض هذهـ الثياب الفظيعة.
انقلبت الاوضاع وتبدلت الاحوال وبدا كل شئ معكوسا؟؟
ويصف هؤلاء الشباب مايكون لهذا الممنظر من الاثر في نفوسهم.
تصوروا النار المشتعلة يصب عليها البنزين والجمرة المتوقدة يلقى عليها البارود، وهم يسألون سؤال الغريق الذي يمد يده الى من يتوهم انه منقذه القوي سؤال المريض للطبيب الحاذق يسألونني: ماذا يعملون؟
ماذا يعملون لبحتفظوا بدينهم وبعفافهم وبأخلاقهم وبصحة اجسادهم وهم يرون هذا الذي يهيج الشيخ الفاني ويحرك العاجزالمدنف؟ كيف يتفرغون معه الى مراجعة دروسهم وكتابة وظائفهم؟ كيف وهم اذا غضوا الابصار عنه في الطريق سمعوا وصفه في الاغاني وحديثه من الافواه ورأوا صورهـ في اعلانات السينما؟
يسألونني: ماذا يعملون؟ وانا لااعرف والله – ياأولادي – بماذا اجيبكم فسلوا الاباء الذين سمحوا لبناتهم ان يخرجن بهذهـ الثياب.
سلوا ارباب الاقلام الخبيثة الذين يزينون للناس هذا الاثم ليستمتعوا بالنظر الى بنات الناس، ومالهم هم بنات ولازوجات يخشون عليهن الاذى لان اكثرهم عزاب.
سلوا المفكرين والمصلحين، من اين جاءنا هذا البلاء؟ من اين،والعروبة التي ننتسب اليها ولانمل من ترديد ذكرها تأباه اشد الاباء وتنكره ابلغ الانكار؟ وان من سلائق العروبة وصفاتها الملازمة لها التي لاتنفك عنها، والتي حافظت عليها في جاهليتها واسلامها، انها تدور مع الشرفل حيثما دار.
والعربي لو عرضت عليه الدنيا كلها، بلذاتها ومنافعها، على ان يبذل في مقابلها ذرة واحدة من عرضه لاباها ونبذها وأثر الذرة الواحدة من عرضه على الدنيا ومافيها، والمرأة العربية تجوع ولا تأكل بثدييها.
والاديان كلها تحرم هذا التكشف وتحاربه اعنف حرب،هذهـ احكام الاسلام، وهذه قواعد النصرانية، فسلوا الشيخ واسألوا المطران واسألوا الحاخام، سلوهم: هل يجوز هذا التكشف في دين من الاديان الثلاثة؟ هل يجوز هذا الاختلاط؟ هل يجوز باسم الفن؟ هل يجوز باسم الرياضة؟ هل يجوز في حال من الاحوال؟
واذا لم تريدوا ان تسألوا رجال الدين فاسألوا اهل الفكر من الفلاسفة والعلماء بل سلوا العقلاء من الملحدين والزنادقة؟ لاتجدوا عاقلا واحدا من الانس ولا من الجن يستطيع ان يقول ان هذا شئ حسن او انه نافع.
هل يستطيع عاقل ان يثبت بالحجة والبرهان ان البنت التي تخرج على هذهـ الحال تكون امنة على عرضها وشرفها؟ لقد تعود النياس ان يطلبوا كل شئ من الحكومة، وانا اعلم ان الله يزع بالسلطان مالايزع بالقران، ولكن سلطان الحكومة لايصل الى القلوب، ان الذي يستطيع ان يصل الى قلوب الناس فيبدلها، فيصلحها او يفسدها، هم المعلمون والموجهون، والوعاظ والخطباء والمدرسون، وارباب الاقلام والالسنة والشعراء .... هؤلاء ومثالهم هم الذين يملكون السلطان على القلوب.
فأين هؤلاء؟ ومالهم لايقومون بأداء هذه الامانة التي وضعها الله في اعناقهم؟ اين المصلحون منهم الذين يملؤون هذه القلوب بالايمان وبالخير ويصرفونها عن الشر وعن الفساد؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته-. والاب راع في بيته ومسؤول عن رعيته افلا يلام الراعي الذي يسوق قطيعه الى الجبل فيسيب الحمل الصغير بين الذئاب وينام عنه؟
فاذا لمنا من يضيع حملا وهو حيوان افلا نلوم من يترك بنته لذئاب البشر؟ فأين الاباء؟ اين هم؟ ماذا اصابهم؟ اين الازواج والاخوة؟ الم يبق لرجل سلطان على بيته؟ كيف السبيل ليستعيد الرجال سلطانهم على بيوتهم؟
واذا كان الرجال قد خلعوا عن عروشهم وعُزلوا عن مناصبهم فهل ندع النساء يتهافتن في هذهـ الهاوية كما يتهافت الفراش في ليالي الصيف على مصباح الكاز ليحترق بلهيبه؟
¥