تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفّه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقى، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)

فهذا عمل قليل ... وهو أنه قد سقى كلبا ... ، غفر الله له ذنوبه أن سقى كلبا، من في الدنيا يقول أن من سقى كلبا تغفر له ذنوبه!! ولو سقى كلاب الدنيا كلها لا تغفر له ذنوبه!!

ولكنه -أي هذا العمل - كان لله خالصاً فأثاب الله تعالى عليه الأجر الكثير ...

وعلى النقيض من هذا - أيها الكرام - أول ثلاثة تسعر بهم النار ... كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (إن أول الناس يُقضى يوم القيامة؛ رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال: جريء، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.

ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به يعرفه نعمه، فعرفها، قال فما عملت؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت؛ ولكن تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.

ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من صنوف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها ألا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جواد، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.

وذلك - أيها الكرام - لأن الله تعالي مالك الملك، وملك الملوك، ومدبر الأكوان ... غني عن العالمين، فهو تعالى لا تزيده صلاتنا ولا صدقاتنا ولا صيامنا ... ولا تعجزه ذنوبنا ...

ففى صحيح مسلم من حديث أبى ذر الغفاري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ? عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيما يروي عن اللَّه - تبارك وتعالى - أنه قال:

يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ...

يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ...

يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ...

يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ...

يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم ...

يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ...

يا عبادي لو أن أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ...

و لو أن أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ...

يا عبادي لو أن أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ...

يا عبادي إنما هي أعمالكم، أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيراً فليحمد اللَّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

أيها المسلمون الكرام،

إن الإخلاص هو

أحصن حصن يتحصن بها الخائفون ...

وأوثق عروة يتمسك بها المتمسكون ...

و أقرب وسيلة يتوسل بها إلى رب العالمين المتوسلون ...

فطوبى لمن كانت الجنة داره ...

والرحيق والزنجبيل والتنسيم شرابه ...

النبيون والصديقون والشهداء والصالحون رفاقه ...

وذلك لأنه كان من المخلصين ... كان من المنيبين .... كان من القانتين ... الخاشعين ... العابدين

فأنت تراه إذا صلى أستحضر عظمة من يناجى ...

وجلال من ينادى ...

فذكره بقلب خاشع ...

وعين دامع ...

وأذن سامع ...

ولسان ذاكر ...

وبدن على عبادة ربه صابر ...

وإذا تصدق أخرج الطيب والكثير ...

ابتغاء مرضاة العزيز الكبير ...

وإذا صام صان نظره وفؤاده ...

وصان يده ولسانه ...

وإذا حج نادى لبيك اللهم لبيك ...

لبيك لا شريك لك لبيك ...

ماله حلال ...

وزاده حلال ...

وغذى من حلال ...

ونيته متجهة لذي الجلال ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير