تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأقول أيها المسلمون الكرام: على كل مسلم عاقل أن لا يركن إلا إلى الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يفوض أمره إلا إلى الله، فهو سبحانه هو الكافي المعافي الشافي.

فالزم يديك بحبل الله معتصما * فإنه الركن إن خانتك أركان

هذا وإن كان للتوكل على الله هو: (صدق اعتماد القلب على الله جل وعلا في جلب المصالح، ودفع المضار، في كل أمر من أمور الدينا، مع الأخذ بالأسباب)

فروح التوكل على الله،

ثلاث كلمات، من قالها بلسانه مستحضرا لمعناها في قلبه، فقد حقق التوكل على الله، واستقام على طريق مولاه:

الأولي: قوله جل وعلا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين}

والثانية: قوله جل وعلا: {حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم}

والثالثة: قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، التي هي كنز من كنوز الجنة كما صح عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمتى علم العبد أنه لا حول لأحد، ولا قوة لأحد إلا بالله،

فاعتمد كل الاعتماد على ربه ومولاه في جلب مصالح دينه ودنياه، وفي دفع المضار والمكاره، عالما أنه النافع الضار، وأنه الواقي من الشرور، والجالب للخير والسرور، وأن الخلق كلهم مفتقرون إليه، ومحتاجون إليه، فقطع رجاءه بالمخلوقين، وعلق حوائجه وشؤونه كلها برب العالمين، فليبشر بالكفاية التامة من الله، وليبشر بتيسير الأحوال والأمور، بل وتقر عينه بالحياة الطيبة في كل ما يجري به المقدور،

وإذا العناية لاحظتك عيونها * نم فالحوادث كلهن أمان

وأما من انقطع تعلقه بالله، وتعلق بمن سواه، خذله ووكله إلى غيره، فهذا والله حال ما أشقاه،،،

قال لقمان لابنه:

يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه أناس كثير، فإن استطعت أن تكون سفينتك فيها الإيمان بالله، وحشوها العمل بطاعة الله، وشراعها التوكل على الله، لعلك تبحر.

وعن سعيد بن المسيب قال:

التقى عبدالله بن سلام، وسلمان الفارسي فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلي، فالقني؛ فأخبرني ما لقيت من ربك، وإن مت لقيتك فأخبرتك،

فقال الآخر: أو تلقى الأموات الأحياء،

قال: نعم أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت،

قال: فمات أحدهما، فلقي أخاه في المنام، فقال: توكل وأبشر، فلم أر مثل التوكل قط.

أما عن ثمار التوكل على الله فهي كثيرة كثيرة، أذكر منها،

أولا: تحقيق الإيمان: وهل هناك نعمة أعظم من أن تكون من عباد الله المؤمنين الذين تعلقت قلوبهم بالله، فصارت لا ترى ألا ما يرضي الله، ولا تسمع إلا ما يرضى الله، ولا تقول إلا ما يرضي الله، ولا تعمل إلا ما يرضي الله،،، فهذه والله من أعظم ثمار التوكل على الله أعني تحقيق الإيمان،،،

ثانيا: الله جل وعل يكفي المتوكل في جميع شئونه: فأنت تراه مسددا في أقواله، ومسددا في أفعاله، ومسددا في نياته، وذلك أن الله تعالي هو حسبه وكافيه،،،

قال عز وجل: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}. أي: ومن يتوكل على الله في كل أموره وأحواله وشئونه، فهو حسبه وكافيه وناصره ومعينه،،، فكفى بالله وكليلا وكفي بالله حسيبا،،،

وفي سنن الترمذي وصححه من أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَنْ قَالَ – يَعْنِى إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ –: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. يُقَالُ لَهُ كُفِيتَ وَوُقِيتَ. وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ.

ثالثا: التوكل على الله من أقوى الأسباب في جلب المنافع، ودفع المضار.

ففي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما - قال:

(حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ،

وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ قَالُوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).

رابعا

التوكل على الله سبب في دخول الجنة بلا حساب ولاعذاب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير