ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[18 - 08 - 07, 12:15 م]ـ
الحمد لله الذي من اتقاه وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن تاب إليه تاب عليه وهداه، ومن أناب إليه قبله ونجاه، ومن أذل نفسه في طاعته أعزه وأعلاه، ومن أطاع أمره رضي عنه وأرضاه، ومن عصى أمره أذله وأخزاه،
وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له، ولا ند له، ولا منازع له، ولا مثيل له، ولا شبيه له، ولا كفؤ له، ولا والد ولا والدة ولا ولد له، لا شريك له في عزه وملكوته، ولا منازع له في عزه وجبروته، ولا شبيه ولا مثيل له في أسماءه وصفاته؛ فهو جبار السماوات والأرض؛ فلا راد لحكمه ولا معقب لقضاءه،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أمام النبين، وخليل رب العالمين، وقائد الغر المحجلين، وحامل لواء الحمد يوم الدين، أدي الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى بلغ عن ربه البلاغ المبين، فالله صل وسلم و زد وبارك عليه وعلى كل من سار على نهجه، وسلك طريقته، واستن بسنته إلى يوم الدين
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} (آل عمران:102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيما} (الأحزاب:70 - 71).
أما بعد؛ فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكُلَّ ضلالةٍ في النَّار.
نعيش اليوم بحول الله تعالي ومنه علينا وفيضه وتوفيقه مع الصبر،
وبداية أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من عباده الصابرين المحتسبين.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيب} (البقرة: 214)
والصبر هو: إقامة النفس على فعل ما يرضي الله، وحبس النفس عن فعل ما يغضب الله، ورضى النفس بقضاء الله.
فهو أن تقيم نفسك علي طاعة الله؛ فتفعل ما أمر الله من فروض وواجبات، فتلزم هذا الطريق المستقيم، من دون أن تبدل فيه ولا تزيد، ولا تزيغ عنه ولا تحيد ...
وتصبر عما حرم الله من معاصي ومنهيات، فلا تأتي ما حرم الله، ولا تتعدى ما لا يحمد عقباه،
وأن ترضي بقضاء الله: نعمة كان أو نقمة ... فما أصابك لم يكن ليخطاك، وكل شيء عند الله بحكمة، وكل شيء عنده بمقدار.
ولعلي أدخل في صلب الموضوع فأقول:
إن الأسباب المعينة على الصبر
كثيرة جدا في كتاب الله - عز وجل -، وفي سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
أتكلم عن أربعة منها:
أولا: معرفة حقيقة هذه الحياة الدنيا:
أيها المسلمون الكرام إن من عرف حقيقة الدنيا وما جبلت عليه من المشقة والعناء، هان عليه ما يبتلى به فيها، لأنه وقع في أمر يتوقعه.
وقد عرفنا الله بهذه الحقيقة فقال: {لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد*وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَد*وَوَالِدٍ وَمَا وَلَد*لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَد} (البلد:1 - 4)،
يقسم الرب - جل وعلا - أن قد خلقنا الإنسان في مشقة وعناء،
وأن قد خلقنا الإنسان في بلاء وابتلاء.
ومن لم يعرف هذه الحقيقة - وتدبر هذا الكلام جيدًا – من لم يعرف هذه الحقيقة سيفاجأ بالمصائب والابتلاءات تصب على رأسه صباً،
فيظن المسكين أنه الوحيد من بين عباد رب العالمين الذي يصاب ويبتلى،
ذلك لأنه ما علم أن لكل فرحة ترحة،
وما كان من ضحك إلا كان بعده بكاء وعويل،
وما ملئت بيوت من السرور والحبور إلا وملئت من الحزن والكدور،
¥