أن المتصفح لكتاب الله جل وعلا يجد أن أعظم الناس أجرًا هم الصابرون، فأجر الصابرين غير معدود ولا محدود.
قال - تعالى -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب} (الزُّمَر:10).
وفي سنة النبي الكريم من ذلك الشيء الكثير:
ففي صحيح مسلم من حديث صهيب الرومي قال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا له.
وفي صحيح البخاري من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ: نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.
وفي سنن الترمذي وحسنه من حديث أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم؛ فمن رضي فيه الرضى، ومن سخط فيه السخط.
وفي سنن الترمذي أيضا وصححه من حديث سعد بن أبي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ فقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ. فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ.
وفي سنن أبي داود من حديث رجل من الصحابة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ.
وفي سنن الترمذي وحسنه من حديث أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وفي صحيح البخاري من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ.
أما عن نماذج الصابرين:
أ - الصبر على طاعة الله:
في قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - التي حكاها الله لنا بقوله عن إبراهيم:
{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين*رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين*فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيم*َلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِين*وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين*إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَء الْمُبِين*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم} (الصافات:99 - 107)
¥