تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنني لم أحزن على نفسي رغم ألم الفراق الذي يهز أعماق الفؤاد، إنما حزنت على هؤلاء الناس الذين سيفتقدون والدي أكثر مني، سيفتقدون من كان لهم عونًا وقلبًا رحيمًا ويدًا معطاءة؛ لكن الله أسأل أن يعوضهم ويرزقهم خيرًا ..

نظرت إلى أطفال جيراننا فتذكرت موقفا لوالدي لن أنساه ما حييت: في الجهة الخلفية لبيتنا يوجد ساحة صغيرة، وبها عدة مراجيح قام أبي بتفصيلها لدى حداد في المعسكر، فكان أطفال الجيران على الباب ينظرون لإخوتي، وهم يلعبون ويتضاحكون، فرآهم والدي من نافذة المكتبة العامرة، وناداهم جميعًا، وأنزل إخوتي عن المراجيح، وترك أولاد الجيران يلعبون قرابة الساعة أو يزيد وهو فرح بذلك ويضحك معهم، ويطل عليهم بين الفينة والأخرى من نافذة المكتبة إلى أن اكتفوا. وقال لهم: متى شئتم تعالوا؛ فالباب مفتوح لكم.

في بداية الحرب خرج الوالد للسوق يشجع الباعة ويحثهم على البيع بشكل طبيعي في ظل الحرب، ويثبت الناس ويدعم صمودهم ويذهب لأعراس الشهداء ولزيارة المصابين، ويقسم لهم أن الله ناصرهم وأنه سيهزم العدو الجبان، ولن يتمكن من دخول القطاع، وأذكر يوم أن كان العدو على تخوم مخيم جباليا في معركة أيام الغضب، فأقسم الوالد على الإعلام أنهم لن يدخلوا معسكرنا؛ فبر الله قسمه وأتم وعده، ولم يتمكن العدو من الدخول.

طلب مني أن أصرف له بعض المال، قال لي: يا بني؛ الآن الناس في حرب، وأكثرهم محتاجون، ولا يجدون قوت يومهم، فصرفت له، وأنفق ما أنفق، واستشهد وبعضها تخضب بدمه حين استشهاده، رحمة الله عليه.

ووالدي رحمة الله عليه كان عملة نادرة، وشخصية فريدة، ولو بقيت أكتب عنه عمري كله لن أوفيه حقه، فعز أن تجد والدًا مثله، أو ابنًا مثله، أو أخًا مثله، أو جارًا مثله، أو زميل دراسة أو عمل مثله، أو أن تجد في الدنيا عابدًا عالما عاملاً بعلمه مجاهدًا، سامحه الله لقد رفع السقف عالياً، وأتعب من بعده حقاً!

رحمك الله يا قرة العين، وخلجة القلب، ورفيق الدرب، كنت لي أبًا وأخًا وصديقًا، ومثلا أعلى.

جمعنا بك عن قريب في الفردوس الأعلى.

ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 03 - 09, 11:37 م]ـ

والدي الشهيد .. أهلي الشهداء ... عهد ووفاء (2 - 2)

بلال نزار ريان – غزة

[email protected]

أهل بيتنا الكرام ...

والدتي الغالية الحبيبة أم بلال الأم الصابرة المجاهدة عاشقة الشهادة في سبيل الله، كيف لا وهي أول من قدمت ابنها للشهادة في سبيل الله وودعته، ونام في حضنها قبل خروجه للعملية الاستشهادية، فلقد كان أخي إبراهيم الشهيد ورفيقه عبد الله شعبان "رحمهما الله" أول من اقتحم المستوطنات الصهيونية: "مستوطنة إيلي سيناي" بتاريخ 2 - 10 - 2001 م ولم يكمل إبراهيم يومها عامه السابع عشر، ومكنه الله عز وجل –بصحبة رفيقه- من قتل أربعة جنود وإصابة ما يقرب من عشرين، والإثخان في العدو، ويومها قال عدو الله شارون: " إنها ليلة صعبة على دولة إسرائيل".

لقد كانت والدتي رحمها الله هي وجميع زوجات أبي "خالاتي" رحمهن الله يذهبن إلى بيوت الشهداء يواسينهم ويصبرنهم، ويخففن عنهم المصاب حتى في آخر يوم من حياتهن ذهبن إلى بيوت العزاء، وكان آخر بيت ذهبن إليه هو بيت الشهيدة - زوجة الشهيد - فاطمة صلاح رحمها الله، كلهن بلا استثناء كن يتمنين الشهادة في سبيل الله، ويدعين الله أن يرزقهن الشهادة، فصدقن الله فصدقهن الله،سيفتقدك المرابطون يا حبيبة القلب في منتصف الليل، وأنت تجودين بأفضل ما لديك من طعام وحلوى.

خالتي أم عبد الرحمن زوجة أبي الثانية رحمها الله، كم كانت محافظة على صلواتها في المسجد، هي وباقي زوجات أبي وكانت تحافظ على قيام الليل والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هي وباقي الخالات الطيبات.

أذكر موقفًا في معركة أيام الغضب عندما اشترى والدي رحمه الله مستلزمات الإسعاف الأولي، وجهزها لخالتي أم عبد الرحمن لإسعاف المجاهدين والمرابطين، _ فهي تحمل شهادة عليا في التمريض وعملت فترة طويلة في تدريس التمريض في أحد أرفع معاهد غزة _ فأحضر لها والدي الأدوات اللازمة إن احتاج الأمر لذلك، وعلى الفور أعدت نفسها وهيأتها لهذا الأمر، وكانت فرحة بذلك فرحًا شديدًا وفخورة به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير