فأقول: روي ابن ماجة في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وله شاهد من حديث أنس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:
سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ: يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ.
قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟
قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.
سيأتي عن الناس سنوات خداعات: كيف هي خداعات؟ يكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، ويخون فيها الأمين، ويؤمن فيها الخائن، وينطق فيها الرجل التافه الذي لا يساوى عند الله جناح بعوضه في أمور العامة.
أيها المسلمون أن مشكلتنا ليست مشكلة في الاماكانات ولا الأمكانيات أبدا،
وليست مشكلة في العلم في المقام الأول وإن كانت كذلك،
إنما مشكلتنا مشكلة في الفهم والتصور، في فهمك لهذا الدين، وفي تعاملك مع هذا الدين، وفي تناولك لهذا الدين، قولا وفعلا وقصدا ...
ماذا يعنى أنك مسلم؟
وهذا الفهم الخاطئ لهذا الدين،
يجر الأمة كلها إلي مشكلة في الأخلاق، لا يعالجها إلا من ذاق مرارتها،
وأعنى بمشكلة في الأخلاق،أن تجد الرجل العظيم القدر عند الناس لا يستحي أن يكذب،ولا يستحي أن يخدع، ولا يستحي ...
أقدم بذلك لأن التقوى هي منبع الفضائل والإخلاق كلها
فالصدق والأمانة
والرحمة والوفاء
والعدل والأنصاف
والزهد والبذل والعطاء ...
كل هذه الصفات الجميلة
والمعاني الحميدة
ما هي إلا ثمرات قليلة من ثمار شجرة التقوى إذا أينعت في قلب المؤمن.
ثانياً:
جعل الله جل وعلا التقوى شرطا لحصول الإيمان.
فقال - عز وجل -: {?واتقوا الله إن كنتم مؤمنين?}
وأما عن ثمرات التقوى فهي كثيرة جدا،،، أذكر منها:
حسن المنقلب والمآل في جنات عرضها السماوات والأرض، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وما لم يخطر على قلب بشر أعدت للمتقين.
قال - عز وجل -: {إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا} ?
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ *كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ *فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ *وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ ???} ?
ثم إن المتقين في معية رب العالمين وعنايته، فهو أولياؤه وخاصته، وإن الله - جل وعلا - لا يضيع أولياءه.
قال - عز وجل -: {?إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ?
ومن أعظم ثمار التقوى هو قبول العمل
فعن فضالة بن عبيد - رحمه الله - قال: لأن أكون اعلم أن الله يقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها؛ فإن الله يقول: {?إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ?
أيها الكرام: إذا كانت هذه هي التقوى وتلك هي ثمراتها فكيف نتق الله؟
أولا: يجب عليك أن تتق الله في عقلك وفهمك: وذلك بشيئين:
الأول: الانقياد لشرع الله س بحانه وتعالى.
قال - تعالى? -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} ?
الثاني: التسليم لقضاء الله وقدره.
¥