تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سريع إلى ابن العم يلطم خدَّه * * * وليس إلى داعي الندى بسريع!

وبسبب هذه المواقف المحزنة، شعرت بألم شديد، وتساءلت بمرارة: أهذه هي الصحوة الإسلامية التي يرجى أن تحرر الأمة من ذل العبودية، وتنقذها من أسْر التخلف والضياع .. ؟!

لماذا كل هذا الصراع والخلاف؟!

لا شك بأن بعض الخلاف مبني على أسس علمية وشرعية .. ولكن من الشرع أن يكون المسلم سبّاباً فحاشاً يطوي في قلبه سوء الظن والحقد والحسن، ويتقصد الإساءة للآخرين. مع العلم أن كثيراً من الخلاف الدائر في ظني- والله أعلم- ناتج عن أسباب وهيمة مفتعلة ليس لها حظ من الأثر أو النظر، وتُبنى في أغلب الأحوال على أسس حزبية وانفعالات نفسية، إذ إن الولاء- مع الأسف الشديد- للشيخ أو الحزب مقدم على الولاء للمنهج والعقيدة!

وأنا على يقين بأن هذه القطعية المتزايدة لا تودي إلى الضعف والهزال فحسب .. بل تؤدي أيضاً إلى الموات والزوال، وكما قال الله – تعالى- " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ". (الأنفال: الآية 46).

وإذا لم يستطع الدعاة أن يتوحدوا فيما بينهم- على الرغم من وحدة المنهج، فكيف نستطيع جمع الأمة كلها على راية واحدة؟!

إذا كانت الأهواء والانتماءات الحزبية هي التي تحدد مواقفنا، فكيف نستطيع مواجهة ذلك السيل المتدفق من مكايد الأعداء ودسائسهم؟!

لقد استعرَت نيران العداوات بيننا، وازداد لهيبها، وأحرقت منا ما أحرقت، ومع ذلك لا تزال الهوة تكبر، والخرق يزداد اتساعاً.

وأقولها صادقاً: حتى متى يكون ذلك .. ؟

ولست أدعو في هذه المقالة إلى إذابة الخلافات المنهجية، ووضع الرؤوس في الرمال، والاجتماع بأي صورة كانت. ولكنني أنادي الجميع لطرح الخلافات الوهمية، ونسيان الأهواء الشخصية والصراعات الحزبية. وأما الاختلافات العلمية فتُعالج بطريقة شرعية من أهل العلم والاختصاص، بعيداً عن المهاترات والاتهامات، ويكون معيار الحق كما قال الله تعالى: " فإن تنازعتم في شيءٍ فرُدّوه إلى الله والرسول ". (النساء: الآية 59).

إن استعراض مسائل الخلاف، ثم دراسة أسبابها العلمية وجذورها النفسية، ليس مطلباً ثقافياً أو ترفاً معرفياً، بل هو مطلب شرعي لازم لا قوام للأمة إلا به.

ومن المعلوم أننا لن نتفق على كل المسائل، ولكننا بعد الدراسة والتمحيص يجب أن نتفق على مسائل الأصول التي لا يُعذر فيها المخالف، وأما مسائل الاجتهاد فيجب أن تتسع لها الصدور. وما أجمل ما قاله يونس الصدفي: " ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟!. (1)

نقلا عن: أحمد بن عبد الرحمن الصويان، في البناء الدعوي، ص 98 - 101

الهامش: (1) سير أعلام النبلاء، (10/ 16 - 17).

http://www.alwihdah.com/view.php?cat=1&id=1138

وهنا رابط مفيد وفي ردود الأعضاء إفادة أيضا

http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=23609

جزاكم الله خيرا


(1) مقطع من حديث رواه أحمد في مسنده والبخاري ومسلم في صحيحيهما. انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته، ح 6152 - 2044.
(2) سَيرٌ من جِلدٍ مَفتول.
(3) جرول بن أوس العبسي المتوفى سنة 45هـ، الملقب بالحطيئة لقصره، كان كثير الهجاء حتى يقال إنه هجا أمه وأباه وعمه وخاله ونفسه. انظر البداية والنهاية لابن كثير 8/ 100.
(4) المصدر السابق: 8/ 101.
(5) جواهر الأدب لأحمد الهاشمي: ص 395.
(6) بتصرف من كتاب تصنيف الناس بين الظن واليقين للشيخ الدكتور بكر أبو زيد: ص 47.
(7) المصدر السابق: ص 22.
(8) رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني. انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته، ح 7984 - 3078.
(9) قول أبي بكر وابن هبيرة منقول من "منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم" للشيخ أحمد بن عبدالرحمن الصويان: ص 41.
(10) منهج أهل السنة والجماعة في النقد والحكم على الآخرين، هشام بن إسماعيل الصين: ص 59.
(11) القدوات الكبار بين التحطيم والإنبهار، د. محمد موسى الشريف: ص 66.
(12) قال الألباني رحمه الله: صحيحٌ موقوفاً، انظر صحيح الأدب المفرد، ح460/ 592.
(13) الجواب الكافي لابن قيم الجوزية: ص120.
(14) العوائق: ص 268.
(15) من نوادر شعر المدح للحطيئة، البداية والنهاية: 8/ 102.
(16) في ظلال القرآن: 6/ 3484.
(17) العوائق، للشيخ محمد أحمد الراشد: ص 139.
(18) قواعد في التعامل مع العلماء للشيخ عبدالرحمن اللويحق: ص 133.
(19) المصدر نفسه: ص 132 نقلاً عن جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 9/ 106.
(20) إنصاف أهل السنة والجماعة ومعاملتهم لمخالفيهم للشيخ محمد بن صالح العلي: ص89.
(21) المصدر نفسه: ص90.
(22) منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم للشيخ أحمد الصويان: ص40.
(23) العوائق: ص 156.
(24) نزهة الفضلاء، د. محمد موسى الشريف: 2/ 734.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير