تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابتسِم مع الشّيخ علي الطّنطاوي رحمه الله: الضّيف ... الصّمت ... الوقت ... [من ذكرياته]

ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[30 - 03 - 09, 11:33 م]ـ

السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

يقول الشّيخ علي الطّنطاوي رحمه الله في ذكرياته:

ـ كنتُ يوما خارجا ً من داري في دمشق صباحا, مسرعا ً إلى عملي في المحكمة, فما برزت من الباب وهممت أن أغلقه ورائي وأمضي, حتى رأيت أمامي زائرا ً جاء يزورني, وكان رجلا ً كبير السن, جليل القدر, ولم يكن يعتادني بالزيارة, فلم أستطع أن أعتذر إليه, وخفت أن يطيل, فيفوت عليّ موعدي, ثم قلت في نفسي, إني أبقى معه ربع ساعة, ثم أستحضر سيارة أذهب بها, ودعوته فدخل وقعدت بين يديه, كما كنت أقعد وأنا تلميذ له, لما كنت صغيرا ً, وكان مدرسا ً في مدرستنا,

وقلت له: أهلا ً وسهلا,

فقال: بكُم,

قلت: كيف الصحة؟

قال: الحمد لله ,

قلت: شرفتمونا,

قال: أستغفر الله.

وانتهت هذه المقدمة, وانتظرت أن يبدأ بالحديث بما جاء به, فلم يتكلم, ولم يبد عليه أنه ينوي الكلام,

فدخلنا في الفصل الأول من أحاديث المجالس, وتكلمنا عن الجو.

تحسن الجو,

قال: الحمد لله,

والمطر كثير

قال: حقيقة الله يبعث الخير.

انتهى الكلام عن الجو فلم يبدأ حديث الزائر الكريم. دخلنا الفصل الثاني من الكلام الفارغ , فتكلمنا في السياسة, فتحدثنا عن إسبانيا والجنرال فرانكو وعن البرتغال وعن فنلندا وعن الأفغان.

وانتهى هذا الفصل على عجل, جئت بالقهوة, وقلت في نفسي أنه سيشربها ويحدثني, فما نطق ولا فتح فمه, ولكن استرخى في مقعده, وجعل يرتشف القهوة متمهلا ً كل ثلاث دقائق رشفة صغيرة, وأنا قاعد أتقلب على مثل الجمر, وجعلت أنظر في الساعة, وأتململ, وأتحرك في مجلسي,

فقلت له: عندنا اليوم جلسة في المحكمة, لذلك فكرت في الذهاب,

فقال: إن شغل المحاكم صعب, الله يعطيك العافية,

قلت: الجلسة في التاسعة, وقد بقي دونها ثلث ساعة فقط,

قال: أعانكم الله

قلت: تشرفت بكم وإذا كان لكم أمر فمروني به.

قال: ما في شيء

قلت: هل من خدمة أقوم بها؟

قال: أبدا ً.

وسكت وسكتنا, وجعلنا نتبادل الأنظار كالقطط حتى مضت الساعة التاسعة, وذهب موعد الجلسة.

[ذكريات 7/ 182 ـ 183].

نقلتها لكم من:

http://islamlight.net/index.php?option=*******&task=view&id=13198&Itemid=36

رحم الله الشّيخ علي الطّنطاوي و غفر له.

ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[30 - 03 - 09, 11:53 م]ـ

أضحك الله سنك

بارك الله فيك

ـ[عبدالرحمن الثبيتي]ــــــــ[31 - 03 - 09, 03:43 ص]ـ

000فلما كلفتني محطة الشرق الأدنى بهذا الحديث أخرته حتى إذا لم يبق على موعد تسجيله إلا ساعتان ومدةُ السفر إلى بيروت اعتكف في غرفتي وبدأت أفكر في الموضوع فلا أعتمد موضوعاً. وإني لفي تفكيري وإذا بباب الغرفة يُفتح بلا إنذرا ولاإعذار ولا اسئتذان وإذا بشابين غريبين عني لاأعرفهما يدخلان علي دخول ألمانيا على بلجيكا في الحرب الماضية أما أحدهما فله رأس كبير كرأس دب هائل قد نفش شعره من فوق ومن الجانبين حتى كأنه ديك حبش قد خرج من معركة ووضع فوق فمه شاربين لا شرقيين ولا غربيين يمتدان فوق الشفتين كأنهما حاجبا فتاة ثم ينزلان على الفم كذنب الفأر وقد منحه الله أكبر قسط من الغِلاظة والعياذ بالله 000 أما الاخر فقد حفََّ جانبي رأسه وعند صدغيه كأن قد لحستهما قطة وهو نائم وأطال شعره على طريقة العم سام.

وقعدا. وخرجت أسأل في الدار من أدخل علي هذا البلاء فإذا هي ابنتي الصغيرة سمعت قرع الباب ففتحته فأدركتها نوبة مبكرة من حُمّى الكرم الشرقي الذي لايرد ضيفاً أبداً فأدخلتهما وأشارت بأصبعها الصغيرة إلى غرفتي فهبطا عليّ كموت الفجأة.

وسلّما فرددت رداً ضعيفاً فاتراً وسألتهما بشيء من الجفاء عن الخدمة التي أستطيع أن أؤديها لهما. وهذا معناه في البلاغة الجديدة:"انصرفا فلست مستعداً لأن أؤدي لكما خدمة". فانطلق الغليظ ذو الشعر المنفوش وأخذ يتكلم متحذلقاً متفيهقاً متفاصحاً بصوت يخرج نصفه من أنفه ونصفه من بطنه والباقي (إن كان بقي شيء) يبلع بعضه ويجتّر بعضاً ... وأكاد أنشقُّ من الغيظ وأحس أن كل عصب من أعصابي يُسحب كوتر العود ثم يُطلق ... وكلما وقف عند جملة ابتسم ابتسامة تقطع الرزق وتأمّل نفسه معجباً كعجوز متصابية أمام مرآتها تقول:ما أجملني! فإذا أخونا المحترم يريد أن يؤلف فرقة مسرحية ولم ير في الأدباء من هو أحق مني بشرف تأليف الرواية الأولى لها.

قلت: وكم مدة التمثيل؟

قال: نصف ساعة فقط.

قلت: تدفعون مئتي ليرة؟

ولا أطيل على القراء وصف ما كان ويستطيعون أن يتصوروا النتيجة بسهولة إلا أن ما لا يستطيعون تصوره هو أن الأخ قال لي وهو خارج: بس آسف. إنا لم نكلفك شيئاً إنها لا تكلفك إلا ساعة من وقتك.لا تكلفني شيئاً إلا ساعة من وقتي! هذا هو الموضوع الذي كنت أفتش عليه ... الموضوع هو سرقة الوقت والوقت هو العمر وهو أعز شيء على الإنسان ... (علي الطنطاوي مع الناس)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير