تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلما أسلمت كان إسلامك عزاً،

وهاجرت فكانت هجرتك فتحاً،

ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قتال المشركين،

ثم قُبض وهو عنك راض،

ووازرت الخليفة بعده على منهاج رسول الله فضربت من أدبر بمن أقبل،

ثم قبض الخليفة وهو عنك راضٍ،

ثم وليت بخير ما ولى الناس،

مصَّر الله بك الأمصار،

وجيَّا بك الأموال،

ونعى بك العدو،

وأدخل بك على أهل بيت من سيوسعهم دينهم وأرزاقهم،

ثم ختم لك بالشهادة،

فهنيئاً لك.

فقال عمر: والله إن المغرور من تغرونه.

ويبتلى معاذ بطاعون عمواء بالشام، ونام على فراش الموت - وهو الشاب الذى لم يبلغ الثالثة والثلاثين من عمره - فيقول لأصحابه:

هل أصبح الصباح؟

فيقولون: لا بعد.

فيقول أخرى: هل أصبح الصباح؟

فيقولون: لا بعد.

فيقول ثالثة: هل أصبح الصباح؟

فيقولون: لا بعد.

فيقول معاذ: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار!!

ثم يبكي، فقيل له: أتبكي وأنت صاحب رسول الله وأنت وأنت؟

فقال:

ما أبكي جزعاً من الموت أن حل بي،

ولا دنيا تركتها بعدي،

ولكن هما القبضتان،

قبضة في النار وقبضة في الجنة فلا أدري في أي القبضتين أنا.

وهذا إمام الدنيا محمد بت إدريس الشافعي - طيب الله ثراه - يدخل عليه صاحبه وتلميذه المزني، وهو على فراش الموت،

فيقول له: كيف أصبحت يا إمام؟

فيقول:

أصبحت من الدنيا راحلا ...

وللإخوان مفارقا ...

ولعملي ملاقيا ...

ولكأس المنية شاربا ...

وعلى الله واردا ...

ثم بكى!!!

وقال: فلا أدرى والله أتصير روحي إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها؟!!!

قسوة القلوب.

أيها الإخوة:

هل من مشمر إلى الله؟

هل من خائف من الله؟

هل من سائر إلى الله؟

قال - عز وجل -: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16، 17)

ألم يأن لقلوب من وَحّدوُا الله وآمنوا برسوله أن تخضع لعظمة الله،

ألم يأن لقلوب من وَحّدوُا الله وآمنوا برسوله وأن تذعن لآمر الله،

ألم يأن لقلوب من وَحّدوُا الله وآمنوا برسوله وأن تجتنب ما حرم الله،

ألم يأن لقلوب من وَحّدوُا الله وآمنوا برسوله وأن تقف عند حدود الله.

قال أبو حامد الخُلْقاني: لأحمد بن حنبل: ما تقول في القصائد؟

فقال: في مثل ماذا. قلت: مثل ما تقول:

إذا ما قال لي ربِّي: ... أما استحييت تعصيني

وتُخفي الذنب من غيري ... وبالعصيان تأتيني؟

فما قولى له لما ... يعاتبني ويقصيني؟

قال: فرد الباب، وجعل يقول:

إذا ما قال لي ربِّي: ... أما استحييتَ تعصيني

وتُخفي الذنبَ مِنْ غَيْري ... وبالعصيان تأتيني؟

فما قولى له لما ... يعاتبنى ويقصينى؟

فخَرَجتُ وتركته.

ولقى الفضيل بن عياض رجلاً فقال الفضيل: كم عمرك؟!

قال الرجل: ستون سنة.

قال الفضيل: إذاً أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله يوشك أن تصل.

فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الفضيل: هل عرفت معناها؟

قال: نعم عرفت أنى لله عبد وأنى إلى الله راجع.

قال الفضيل: يا أخى من عرف أنه لله عبد، وأنه إليه راجع، عرف أنه موقوف بين يديه ومن عرف أنه موقوف، عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول، فليعد للسؤال جواباً.

فبكى الرجل وقال: يا فضيل وما الحيلة؟!

قال الفضيل: يسيرة.

قال: ما هى يرحمك الله؟

قال: أن تتقى الله فيما بقى ما قد مضى، وما قد بقى!!

نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من عباده الخائفين الوجلين ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير