تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومَثَّلَ احتساب شعيب عليه السلام مقاومة الفساد الاقتصادي، ومكافحة الغش في المعاملات، والسرقة بأي سبيل كان.

كما مَثَّلَ احتساب لوط وشعيب عليهما السلام مقاومة الفساد الأمني الذي هو سبب للخوف والجوع.

فمن قاوم في هذا العصر مجالات المفسدين كلها، فأنكر على الكفار كفرهم ودعاهم للإسلام، وأنكر على العاصين معصيتهم وأمرهم بالطاعة، وأنكر على الظلمة ظلمهم وأمرهم بالعدل، وأنكر على المسرفين إسرافهم، وعلى أهل الفساد المالي فسادهم، وعلى أصحاب الفواحش والمروجين لها فحشهم وفجورهم.

وما من فساد إلا وله فيه إنكار بقول أو فعل فقد اقتدى بالأنبياء كلهم، وسار سيرتهم، وامتثل قول الله تعالى {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وكفى بذلك شرفا وفضلا.

ومن اختار مجالا من مجالات الفساد، واحتسب على الناس فيه، ووقف في وجه المفسدين، وتحمل السخرية والأذى في سبيل ذلك، فقد اقتدى برسول من رسل الله تعالى، وشارك في حفظ المجتمع من الانحراف والعذاب.

ومن لم يكن هذا ولا ذاك، وليس له في مقاومة الفساد والمفسدين أي نصيب، فقد حرم خيرا كثيرا، وسيسأل يوم القيامة عن تقصيره وخذلانه.

وأقبح منه من سلَّ قلمه، وأطال لسانه بالكذب والتجني، والافتراء والتشفي في أهل الاحتساب، واختلق القصص عليهم، أو سمعها ثم روجها في المجالس وهو لا يعلم صدقها، ولربما زاد عليها من نفسه للإثارة وشدِّ الناس إليه، وكم من فرية سوِّدت بها الصحف، وضجت بها القنوات والإذاعات، على أهل الخير والاحتساب، وعند التتبع والتحقيق بان أنها محض افتراء واختلاق، أراد منه المفسدون تأليب العامة على أهل الصلاح والإصلاح!!

ومن روج الشائعات على أهل الاحتساب فليعلم أنه مشارك في نشر الفساد وإعانة المفسدين، وأنه قد سار من حيث يشعر أو لا يشعر سيرة المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وانحاز وهو يعلم أو لا يعلم إلى صف المنافقين والشهوانيين، ويخشى على دينه ولو كان في عداد المصلين.

فاعرفوا رحمكم الله تعالى مقام الحسبة من الدين، واعلموا أنها وظيفة المرسلين، فقوموا بها، وأعينوا أهلها، وخذوا على أيدي المفسدين، طاعة لله تعالى، وحفظا لمجتمعاتكم من البلاء والعقوبة.

وصلوا وسلموا .....

المصدر: http://www.alukah.net/articles/1/444.aspx

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[03 - 04 - 09, 04:00 ص]ـ

الحسبة والمحتسبون (2)

الحسبة فيصل بين الحق والباطل

الحمد لله العليم الحكيم؛ ابتلى عباده فجعل للحق منهم أنصارا، وجعل للباطل منهم أعوانا، وكتب الصراع بينهم فتنة لهم واختبارا {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان:20] نحمده سبحانه على ما هدانا، ونشكره على ما أعطانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ كتب العز لمن نصر دينه، وقضى بالذل على من حارب شريعته {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ختم الله تعالى به الرسالات، فلا دين إلا دينه إلى آخر الزمان، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فإنها الأنيس في الغربة، والنجاة من الكربة، والجليس في القبر حين الوحشة {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطَّلاق:3].

أيها الناس: من حكمة الله تعالى في البشر تكليفهم بالشرائع، ومن رحمته تعالى بهم هدايتهم لها، ودلالتهم عليها بما أرسل لهم من الرسل، وما أنزل عليهم من الكتب، فأقام بها حجته عليهم، وقطع أعذارهم {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير