تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يا من تنشرون الأدعية المخالفة لهدي خير البرية دونكم قول الإمام ابن تيمية!]

ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[07 - 04 - 09, 11:35 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

إخواني وأخواتي في الله:

إن من المؤسف وربي أن نترك منهاج خير البشر محمد - صلى الله عليه وسلم - وننتهج منهاج من دونه من البشر، وهو بأبي وأمي يقول: ((وأنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)) رواه ابن ماجة، وصححه الألباني / صحيح ابن ماجة / 40.

فكيف بنا نخترع أحاديثا مبتدعة ابتدعناها من تلقاء أنفسنا، ونترك السنة الغرّاء الناصعة البياض المأمورين باتباعها؟!

اعلموا - رحمكم الله - أن الأصل في العبادات الوقف، فلا يجوز أن نُقدم على عبادة؛ حتى يكون ثمة دليل يثبت مشروعيته سواء من القرآن الكريم أو من السنة النبوية الصحيحة، وكما تعلمون أن الدعاء هو العبادة، بل هو من أجل العبادات وأفضلها، فكيف ندعو ربنا عز وجل بأدعية لم ترد لا في القرآن الكريم ولا في السنة الصحيحة، كيف؟ بل وكيف نقيّد العبادة بوقت معلوم أو بمكان مخصوص أو على هيئة معينة أو بكمية معدودة ونعمل بها ونلزم الناس بها ونتواصى على فعلها؟ ومن نحن حتى ننصب أنفسنا للتشريع ونشركها مع الله جلّ جلاله وتقدست أسماؤه؟

ومع هذا نحن لا ننكر أن يدعو الإنسان ربه بأي دعاء شاء ما ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم؛ لقول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) سورة البقرة؛ وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم؛ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر؟ قال: الله أكثر)) قال الألباني " إسناده صحيح " / مشكاة المصابيح / 2199.

لكن أن تنشروا أدعية مبتدعة مخترعة ابتدعها الداعون إلى الله سبحانه وتعالى على جهل وضلالة لا على علم وبصيرة في مشارق الأرض ومغاربها، لا وألف لا، فلا تفسدوا على الناس دينهم كما يفسد الخل العسل وتأفكوا عليهم وتخدعوهم، وحذار ِ أن تكونوا ممن ينبثق بالعبادات التي لا أصل لها ولا برهان ويبنّقها ويزينها، فيبثّها بين عامة الخلق حتى يُلبس عليهم أمر دينهم ويُدخلهم في أمور هم بغنى عنها ومن كان هذا دأبه فقد بار بورا عظيما، إذًا انتبهوا - بارك الله فيكم - لهذا الأمر العظيم والخطير، وفرّوا بعقيدتكم كفراركم من الأسد.

ومما يجدر ذكره أن هناك شرطان لقبول العمل لا ينفك أحدهما عن الآخر:

1 - أن يكون خالصا لله تعالى، ليس لأحد نصيب منه؛ لقوله عز وجل: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) سورة البينة آية رقم (5).

2 - أن يكون موافقا لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لقوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته، وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

وأخيرا: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في {مجموع الفتاوى} (22/ 510):

(عمن يقول: أنا أعتقد أن من أحدث شيئا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرح عنه أنه قد أساء وأخطأ، إذ لو ارتضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه وإمامه ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار، فعدوله إلى رأيه واختراعه جهل وتزيين من الشيطان، وخلاف للسنة، إذ الرسول لم يترك خيرا إلا دلنا عليه وشرعه لنا، ولم يدخر الله عنه خيرا، بدليل إعطائه خير الدنيا والآخرة، إذ هو أكرم الخلق على الله، فهل الأمر كذلك أم لا؟

فأجاب رحمه الله:

" الحمد لله، لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هى أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرَّمًا، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس.

وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به، بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنًى محرمًا لم يجز الجزم بتحريمه، لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به، وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت، فهذا وأمثاله قريب، وأما اتخاذ ورد غير شرعي، واستنان ذكر غير شرعي، فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد " انتهى.

ربما لم أتوسع بالتعريف عن شأن (الابتداع في الدين) أكثر، ولكن من أراد ذلك فكتب أهل العلم الذين لهم قدم علم راسخة معلومة، فليهرول إليها من خاف على دينه ووجل، بدلا من اتباع بدع الضالين المضلين المائلين عن الطريق المستبين.

هذا وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينافح عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرزقنا شربة هنية لا نظمأ بعدها أبدا من نهر الكوثر يوم القيامة وأن لا يجعلنا من أهل البدع المحرومين من هذا الشرف العظيم إنه جواد كريم.

وكتبته: السلفية النجدية ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير