تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) رواه مسلم / المسند الصحيح / 2999.

فجاهد نفسك على الصبر أرشدك الله إلى تقواه، ولن ترى منه بإذنه تعالى إلا ما يسرك، إذًا فأبشر، ولا تفكر مجرد تفكير، باليأس والقنوط من رحمة أرحم الراحمين (قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ) الحجر آية 56.

بل ولا تنقاد للشيطان، فيقوى بتلبيسه عليك، وتضعف مجاهدتك له، واعلم أنه مهما وسوس فهو في الحقيقة ضعيف، فكن له - حفظك الله - عدوا كما هو لك عدو، وأحسن الظن بربك، القادر على كشف غمك، وتفريج همك، فإنه متى ما أحسن العبد ظنه بربه، فتح عليه أبواب رزقه ورحمته من حيث لا يحتسب، علق رجاءك به وتأدب معه، ولا تسيء الظن به، فتهلك وتندم، وحينها لا ينفع الندم.

قال الله تعالى: {وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} الفتح آية 6.

عن واثلة بن الأسقع الليثي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر)) صححه الألباني في صحيح الجامع 1905.

هون عليك - رحمك الله -، وارفق بحالك ولا تبالي مما يعتريك من هذه الدنيا الفانية، وسل نفسك، فكم ستبقى بها؟؟؟ يوم، شهر، سنة، ثم ماذا؟ نعم ماذا؟ موت ينسيك كل بليّة ابتليت بها بغمسة واحدة في نعيم الجنة.

فاعمل لدارٍ غداً رضوان خازنها ... الجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك طينتها ... والزعفران حشيش نابت فيها

كن قوي الإيمان وإن كنت ضعيف الجسد، هزيل القوى، فكل يوم تعيشه يزيدك من الله قربا، بينما غيرك يزيده من الله بعدا؛ لأنك مبتلى صبورا، أما غيرك فمبتلى جزوعا ..

فأنت الذي طالما خلوت بربك في الظلام، وناجيت الملك العلام، فهو يسمع نجواك، ويجيب دعاك، وأنت الذي طالما فارقت الشهوات، وتركت المنكرات، من أجل رضا رب البريات، فيا بشراك! وأنت تنظر إلى الملائكة، وهم عند الأبواب يتلقونك أنت ومن معك من المؤمنين فتقول: ((سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)) وبعدها تدخل عليكم من كل باب من أبواب الجنة وتقول: ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار)) تسلم عليك، وتبشرك بحسن مآبك، وصلاح حالك، وقد ازددت جمالا فوق جمال، ولمَ لا يكون هذا شأنك! وأنت قد أديت لربك حقه، وصدقت في عهده، وفرحت بقربه، وشكرت له نعمه، فكلما أغدق عليك من الخير غدقا، ازددت لفضله شكرا، نَعَم! نِعمَ العبد أنت لو كنتَ تهون على نفسك.

اعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ولا تغتر بكثرة الساقطين، ولا يثبطك كلام المفسدين، فإذا كان من في السماء راضٍ عنك، مالك وأهل الأرض، وحينها فليرضَ من يرضى، وليسخط من يسخط، إنما مالك ورزقك بيد من في السماء، مرضك وشفاؤك بيد من في السماء، منصبك وجاهك بيد من في السماء، بل حتى موتك وحياتك بيد من في السماء، نعم إذا رضي عنك من في السماء، لا يهمك من في الأرض، فالله لم يبتليك إلا لمحبتك عنده، وإذا أحبك الله فليبغضك بعدها من شاء، وليلمزك بعدها من شاء، وليستهزئ بك بعدها من شاء.

فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير