بل وأيم الله! لست أشد بلاء من الأنبياء، فهذا نوح عصوه قومه وسخروا منه، وهذا إبراهيم ابتلي بمعاداة أبيه وقومه له، وقذف في نار شديدة الحرارة، فأنجاه الله منها وجعلها بردا وسلاما، وهذا أيوب ابتلي في ماله وولده وجسده، وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بل ألا يكفيك أن الله ضرب لك ولأمثالك من المؤمنين امرأة فرعون مثلا؟؟؟ فقال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} سورة التحريم آية رقم: 11.
قال البغوي في تفسيره: " معالم التنزيل " ج: 4، ص 432: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} وهي آسية بنت مزاحم.
قال المفسرون: (لما غلب موسى السحرة، آمنت امرأة فرعون، ولما تبين لفرعون إسلامها، أوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد، وألقاها في الشمس).
قال سلمان: ((كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس، فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة)) أخرجه الطبري: (28/ 171)، وأبو يعلى: (6/ 53)، قال ابن حجر في " المطالب العالية " (3/ 390): (صحيح موقوف).
{إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ} فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته.
وفي القصة: ((أن فرعون أمر بصخرة عظيمة عليها، فلما أتوها بالصخرة قالت: (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة) فأبصرت بيتها في الجنة من درة بيضاء، وانتزع روحها فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه، ولم تجد ألمًا)).
وقال الحسن وابن كيسان: (رفع الله امرأة فرعون إلى الجنة فهي فيها تأكل وتشرب).
{وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ} قال مقاتل: " وعمله " يعني: الشرك، وقال أبو صالح عن ابن عباس: " وعمله " قال: جماعه.
{وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} الكافرين.
اصبر على ما أصابك! إن ذلك من عزم الأمور، اصبر وما صبرك إلا بالله، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فلا تجزع ما دام أن ربك معك، ويكفيك شرفا بهذه المعيّة، كما أنه لا راد لدعوتك إذا دعيته، ولا راد لفضله إذا سألته، قال عنه صلى الله عليه وسلم: ((يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) رواه البخاري / الجامع الصحيح / 6321.
انطرح بين يدي ربك في ظلمة الليل، عسى ربك أن يرى انكسارك، وبكاءك، وخشوعك، وخضوعك، فيرحمك ويدفع عنك البلاء، وصدقني يا عبد الله! ما ابتلاك ربك إلا لينعم عليك، بنعيم لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، في دار الخلود.
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم ... إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتى المنية بغتة ... فتساق من فرش إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجى ... من خشية الرحمن باكيتان
فالله ينزل كُلَ آخر ليلة ... لسمائه الدنيا بلا نكران
هذا، وصلى الله على نبينا محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين.
وكتبته: السلفية النجدية.
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[25 - 04 - 09, 06:36 ص]ـ
اصبر أيها المبتلى، فإني والذي لا إله إلا هو أعلم أنك تتألم، نعم تتألم، والألم يعذبك، والهم يأسرك، والضيق قد ألم بك، والحال قد تنكرت لك، ونار الأسى تتضرم في جوفك؛ لكنك ترجو من الله جل في علاه ما لا يرجو الكافر الجاحد فقال سبحانه: { .... إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} آل عمران 104.
ـ[محمود إبراهيم الأثري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 11:45 ص]ـ
جزاكِ الله خيراً اختنا الكريمة
نسأل الله الصبر والثبات
ولكن ماذا إن كان ما في العبد من بلاء وابتلاء هو بسبب ذنوبه التي يقترفها فهل في صبره عليها أجر أم أن الأمر هنا يختلف؟؟
أرجو ممن يعرف الإجابة فقد شغلني هذا الأمر كثيراً
بُورك فيكِ اختنا السلفية
===================
((أرجو من الرجال أن لا يراسلوا))!
¥