فهذه هي الحقيقة المرة التي يغفل عنها كل متكبر غبي .. !!
وأقول لكل متكبر ومغرور ..
ماذا تحمل في جوفك .. ؟؟
هل هو المسك أم ماذا .. ؟؟!!
ماذا تخرج من بطنك في الخلاء .. ؟؟
هل هو الزعفران أم ماذا .. ؟؟!!
ماذا تتبول .. ؟؟
هل هو ماء الورد أم ماذا .. ؟؟!!
وماذا تخرج من فمك إذا تقيأت .. ؟؟
هل هو العنبر أم ماذا .. ؟؟!!
أم أي نوع من البخور تبعثه من فمك بعد الاستيقاظ من النوم .. ؟؟
هل هو العود أم ماذا .. ؟؟!!
هذه أسئلة أوجهها إلى كل متكبر ليتفكر في حال نفسه .. !!
ليعلم هل هو مميز علينا بواحدة منها أم ماذا .. ؟؟
فإذا كان الجواب بـ نعم ..
فقد حكم على نفسه بالخرق .. !!
وإذا كان الجواب بـ لا ..
فرحم الله امرئ عرف قدر نفسه .. !!
قال الأحنف ابن قيس: "عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر" .. ؟؟!! ..
وليعلم كل متكبر ..
بأن الحمق لازم الكبر في حق المخلوق ..
فكل متكبر أحمق .. ولكن ليس كل أحمق متكبر ..
وهذا ما يجعل من الأحمق أفضل من المتكبر من هذا الوجه ..
قال ابن الجوزي: " والمتكبر أحمق لأنه ما من شيء يتكبر به إلا و لغيره أكثر منه .. " صيد الخاطر.
وقال الشاعر:
قولا لأحمق يلوي التيه أخدعه
لو كنت تعلم ما في التيه لم تتهِ
التيه مفسدة للدين منقصة
للعقل مهلكة للعرض فانتبهِ
ووالله إنا في كل يوم نزداد عجبا من المتكبر ..
فصفات الغباء كلها فيه ..
فدائما نجد المتكبر يظن نفسه أنه أفضل من غيره ..
وهذا غباء في حد ذاته ولا يغتفر ..
ونجد أن الناس قد احتقروه ..
فصار حقيرا في وقت كان يظن أنه هو هو .. !!
ولا يتكبر متكبر إلا من نقص يريد ستره ولا يرتضيه ..
قال الأحنف بن قيس: "ما تكبر أحد إلا من ذلة يجدها في نفسه"
ونظر أفلاطون إلى رجل جاهل معجب بنفسه فقال: وددت أني مثلك في ظنك وأن أعدائي مثلك في الحقيقة.
وقيل: لا يتكبر إلا كل وضيع ولا يتواضع إلا كل رفيع ..
وقال الأبشيهي: " وحسبك من رذيلة تسلب الرياسة والسيادة, وأعظم من ذلك أن الله تعالى حرم الجنة على المتكبرين فقال تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا)
فقرن الكبر بالفساد ..
وقال تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) ...
والمتكبر بكل بساطة ..
هو أحد المخلوقات التي خلقها الله على هذا الوجود ..
وهو من جنس ما ابتلى الله به العباد ..
وليعتبر به من يعتبر ..
وليكون مثالا واقعيا على جنسه حتى يعرفه الناس ويحذروه ..
وكما أن واجبنا تجاه هذا المخلوق المسكين هو النصح والإرشاد والأخذ بيده ..
وهذه بشارة لكل متكبر ..
فليبشر من نظر إلى الناس باحتقار واستصغار ..
فهو يوم القيامة سوف يحشر مثل الذر ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال, يغشاهم الذل من كل مكان, يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس, تعلوهم نار الأنيار, يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال" رواه الترمذي وصححه الألباني.
فحينها فليصرخ بأعلى صوته ..
أنا فلان ابن فلان ..
أنا فلان من بني فلان ..
أنا فلان مركزي كذا ..
فحينها لن ينفعه ابن من كان ..
ولا من بني من كان ..
ولا في أي وظيفة كان ..
لأن في ذلك اليوم الكل مشغول بنفسه عن الأنام ..
فكيف بمن تحت الأقدام .. !!
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" رواه مسلم.
وقال: " من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة, الكبر والدين والغلول" رواه الترمذي.
وقال النعمان بن بشير –رضي الله عنه- وهو على المنبر: "إنّ للشيطان مصائد وفخوخاً، وفخوخه البطر بأنعم الله، والفُجور بإعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله". الادب المفرد
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه مر في السوق وعليه حزمة من حطب, فقيل له: ما يحملك على هذا وقد أغناك الله عن هذا, قال: أردت أن أدفع الكبر, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة من في قلبه خردلة من كبر". صحيح الترغيب والترهيب.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما ألقيته في جهنم"
أسأل الله العظيم .. بوجهه الكريم .. وبسلطانه القديم ..
أن ينزع عنا الكبر والتيه .. وأن يكسونا جلباب التواضع والإنكسار ..
وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ..
وأن يحسن أخلاقنا ويجملنا بحسن السيرة والسريرة ..
بقلم أبو هيثم المكي