تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان من الأنظمة التي لها النصيب الأعظم في الاستعباد الصريح نظام الشيوعية؛ فقد كان الشيوعي يعمل ويكدح وينصَب لأجل غيره، فلا يتملك ولا أحقية له في ذلك «ولقد زعمت الشيوعية أن الذل الوحيد في الأرض هو عمل الإنسان أجيراً لإنسان آخر، وزعمت أنها هي ستخلص الناس من الظلم وتمنع الاستغلال، حين تمنع تأجير جهد الإنسان لإنسان آخر. نعم! ولكن ما الفرق بين تأجير جهد الإنسان لإنسان آخر، وتأجيره للدولة التي هي شخص معنوي في الكلام فقط؟ ولكنها في الواقع مجموعة من البشر يحملون من السلطان ما يجبرون به الناس على أداء العمل الذي يطلبونه منهم، وما يعاقبونهم به إذا قصروا في أدائه؟ وصدق الله العظيم: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109].

? رابعاً: كيف ندفع الاستعباد؟

ندفع الاستعباد بأمور كثيرة من أهمها:

1 - خشية الله ـ عز وجل ـ والخوف منه:

والخشية لله ـ تعالى ـ تزيد العبد اطمئنان القلب وتعلقاً بالله فلا يعبد سواه، ولا يخشى أحداً إلا اياه، فيتوجه إليه بالكلية، فلا تغره دنيا، ولا يهيبه ملك أو سلطان فقد مُلئ قلبه خشية وخوفاً من الله تعالى. وقد قرن ـ سبحانه وتعالى ـ خشيته بالفوز في الدنيا والآخرة فقال: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] «فالطاعة لله ورسوله تفتضي السير على النهج القويم الذي رسمه الله للبشرية من علم وحكمة، وهو بطبيعته يؤدي إلى الفوز في الدنيا والآخرة، وخشية الله وتقواه هي الحارس الذي يكفل الاستقامة على المنهج، وإغفال المغريات التي تهتف بهم على جانبيه، فلا ينحرفون ولا يلتفتون» (2). والخشية من المنجيات التي تنجي العبد من كل شيء .. من الدنيا وغرورها .. من الحياة وفتنها .. قال -صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى. وثلاثٌ مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه» (3). وبالخشية يستعين العبد على دينه .. فيحفظه من الضلال .. ويحفظه من الزيغ والانحراف. عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: «كان يقال: ما استعان عبد على دينه بمثل الخشية من الله» (4).

2 - اتباع المنهج السليم:

ومن الوسائل في دفع الاستعباد المنهج السليم الذي هو الطريق القويم الذي يضمن لذوي العقول السير الصحيح والتبصر الحكيم، وأي أمة فقدت المنهج الصحيح السليم حارت في دروب التيه العقدي والإعصار الفكري {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الملك: 22]، ولكي نضمن منهجاً سليماً خالياً من الشوائب لا بد من أمرين:

أ - أخذ المنهج من مصدره الأساسي الذي هو المصدر الرباني المتمثل في الكتاب والسنه. قال -صلى الله عليه وسلم -: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة رسوله» (5).

ب - التلقي السليم الذي لا تتنازعه أهواء ولا تعصبات ولا منازعات، ولا يشوبها انحرافات فكرية، ولا يخالطها معتقدات فاسدة باطلة.

ولك أن تتصور حال المرء بلا منهج صحيح: كيف يكون حاله؟ إما إلى جهالة عمياء أو إلى ضلالة خرقاء. قال ـ تعالى ـ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، عندما ضعف تأصيله ومنهجه الذي يعتمد عليه عَبَدَ اللهَ على شك وعلى انحراف وخلل عقدي؛ فلم يصبر على مواجهة أمواج الفتن العاتية، فانقلب على وجهه مهزوماً مخذولاً قد خسر دنياه وآخرته، وعلى المرء أن يتحرى الطريق الصحيح الذي يبقي له المنهج صحيحاً سليماً و «الطريق الوحيد الصحيح الذي يجب على كل مسلم سلوكه هو طريق أهل السنة والجماعة طريق الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، ذو العقيدة الصافية والمنهج السليم واتباع السنة والدليل» (6).

3 - الأخذ بزاد الصبر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير