تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومِنْ مَحَاسِنِ الشِّعْرِ فِي الصَّبْرِ، مَا قَالَهُ ابنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:

ومَنْ يَصْطَبِرْ للعِلْمِ يَظْفَرْ بنَيْلِهِ ومَنْ يَخْطُبِ الحَسْنَاءَ يَصْبِرْ عَلَى البَذْلِ

ومَنْ لَمْ يُذِلَّ النَّفْسَ فِي طَلَبِ العُلا يَسِيْرًا يَعِشْ دَهْرًا طَوِيْلاً أخَا ذُلِّ ()

فَلا يَرَاكَ اللهُ يَا طَالِبَ العِلْمِ إلاَّ: مُتَعَلِّمًا أو عَامِلاً، مُجَاهِدًا أو مُجْتَهِدًا، كَمَا قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: " فإذَا اسْتَكْمَلَ (العَبْدُ) هَذِه المَرَاتِبَ الأرْبَعَ (العِلْمَ، والعَمَلَ بِهِ، والدَّعْوَةَ إلَيْه، والصَّبْرَ عَلَيْه)؛ صَارَ مِنَ الرَّبَّانِيِّيْنَ؛ فإنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُوْنَ عَلَى أنَّ العَالِمَ لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُسمَّى رَبَّانِيًّا؛ حَتَّى يَعْرِفَ الحَقَّ، ويَعْمَلَ بِهِ، ويُعَلِّمَهُ، فَمَنْ عَلِمَ وعَمِلَ وعَلَّمَ؛ فَذَاكَ يُدْعَى عَظِيْمًا فِي مَلَكُوْتِ السَّمَوَاتِ" () انْتَهَى.

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "العِلْمُ يَهْتِفُ بالعَمَلِ، فإنْ أجَابَهُ وإلاَّ ارْتَحَلَ" ().

وعَنْ أيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: قَالَ لِي أبُو قِلابةَ: "إذَا أحْدَثَ اللهُ لَكَ عِلْمًا فأحْدِثْ لَهُ عِبَادَةً، ولا يَكُنْ هَمُّكَ أنْ تُحَدِّثَ بِهِ" ().

وقَالَ الشَّعْبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "كُنَّا نَسْتَعِيْنُ عَلَى حِفْظِ الحَدِيْثِ بالعَمَلِ بِهِ" ().

وأُعِيْذُكَ باللهِ يَا طَالِبَ العِلْمِ مِنْ عِلْمِ المُنَافِقِ!، وقَدْ قِيْلَ: "عِلْمُ المُنَافِقِ فِي قَوْلِه، وعِلْمُ المُؤْمِنِ فِي عَمَلِه" ()، فاللهَ اللهَ:"زَيِّنُوا العِلْمَ، ولا تَتَزَيَّنُوا بِه" ().

* * *

* التَّنْبِيْهُ الرَّابِعُ: اعْلَمْ إنَّ العِلْمَ نِصْفَانِ.

* نِصْفٌ: مَا حَوَتْهُ قَمَاطِرُ العِلْمِ؛ ابْتِدَاءً بالوَحْيَيْنِ (الكِتَابِ والسُّنَّةِ) ومَا تَخَرَّجَ مِنْهُما، أو حَامَ حَوْلَهُما، وانْتِهَاءً بِمَا تَضَمَّنَه "المَنْهَجُ العِلْمِيُّ" مِنْ تَنَابِيْهَ وعَزَائِمَ ... إلخ.

* ونِصْفٌ: هُوَ قَوْلُكَ فِيْمَا لا تَعْلَمُ: لا أعْلَمُ، لا أدْرِي!

يَقُوْلُ أبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللهُ: "قَوْلُ الرَّجُلِ فِيْما لا يَعْلَمُ: لا أعْلَمُ، نِصْفُ العِلْمِ" ().

فَقَدِ اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ أهْلِ العِلْمِ أنَّ العَالِمَ إذَا أخْطَأ: (لا أدْرِي) فَقَدْ أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ، فَحَذَارَ حَذَارَ يَا طَالِبَ العِلْمِ مِنْ تَنَكُّبِ سَنَنِ أهْلِ العِلْمِ السَّالِفِيْنَ فِيْما لا عِلْمَ لَكَ فِيْه، بأنْ تَقُوْلَ: لا أدْرِي، فَمَا أبْرَدَها الَيْوَمَ عَلَى الكَبِدِ، ومَا أحَرَّهَا يَوْمَ المَرَدِّ!

فإنْ كَانَ العِلْمُ (بِلا أدْرِي) نِصْفَ العِلْمِ، فَهِي واللهِ الجَهْلُ كُلُّهُ إذَا جُهِلَتْ!

* * *

قَالَ الرَّاجِزُ ():

فإنْ جَهِلْتَ مَا سُئِلْتَ عَنْهُ ولَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْهُ

فَلا تَقُلْ فِيْه بِغَيْرِ فَهْمِ إنَّ الخَطَأ مُزْرٍ بأهْلِ العِلْمِ

وقُلْ إذَا أعْيَاكَ ذَاكَ الأمْرُ: مَالِي بِمَا تَسْأَلُ عَنْهُ خَبَرُ

فَذَاكَ شَطْرُ العِلْمِ عَنِ العْلَمآ كَذَاكَ مَا زَالَتْ تَقُوْلُ الحُكَمآ

قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: "كَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: إذَا أخْطَأ العَالِمُ لا أدْرِي أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ"، وبِمِثْلِهِ قَالَ كَثِيْرٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ ().

* * *

فلا تَكُنْ كَمَنْ قِيْلَ لَهُ ():

جَهِلْتَ فَعَادَيْتَ العُلُوْمَ وأهْلَهَا كَذَاكَ يُعَادِي العِلْمَ مَنْ هُوَ جَاهِلُه

ومَنْ كَانَ يَهْوَى أنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا ويَكْرَهُ "لا أدْرِي" أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُه

* * *

قَالَ ابنُ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "لَوْ كَتَبْنا عَنْ مَالِكٍ: لا أدْرِي، لَمَلأنا الألْوَاحَ" ().

وعَنْ أبِي الذَّيَّالِ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: "تَعَلَّمْ لا أدْرِي، فإنَّكَ إنْ قُلْتَ: لا أدْرِي، عَلَّمُوْكَ حَتَّى تَدْرِي، وإنْ قُلْتَ: أدْرِي، سَألُوْكَ حَتَّى لا تَدْرِي! " ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير