تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنما جعل الله هذا الشرع متدرجا، فإذا جاء الطعن في سنة من السنن فإن ذلك إزالة لحاجز عظيم وسور كبير دون بقية السنن، فإذا أزيل ذلك الحاجز وصل المهاجم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخرى ثم يصل إلى شخصه ثم يصل إلى الكتاب المنزل إليه ثم يصل إلى ربه الذي أرسله جل وعلا وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ولذلك نسمع المستهزئين يتمادون في غيهم في هذه الأيام حتى يصلوا إلى تعطيل صفات الله عز وجل وإنكار ما ثبت منها في القرآن وفي السنة، فهم ينكرون الفوقية عن رب العالمين جل جلاله، وقد أثبتها الله لنفسه في ثماني عشرة آية من كتابه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم في عدد كثير من الأحاديث الصحيحة عنه وألف فيها أهل العلم الكتب الكثيرة، فقد ألف الإمام ابن قدامة رحمه الله إثبات العلو للعلي الغفار، وألف الإمام الذهبي كذالك رحمه الله كتاب العلو للعلي الغفار، فجلبوا فيه هذه النصوص كلها من الكتاب والسنة، ولا يطعن في فوقية الله على خلقه إلا من كان من أهل البدع الذين يسود الله وجوههم يوم القيامة، وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة، ومصداق ذلك من القرآن قول الله تعالى: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) إن الذين ينكرون صفات الله سبحانه وتعالى ويطعنون فيها يظنون أنهم أعلم بالله من الله أو أنهم أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبا لهم وخزيا لهم كيف يتجاسرون على صفات الله عز وجل التي أثنى بها على نفسه وأثنى بها عليه رسوله صلى الله عليه وسلم وأقر بها المؤمنون لله عز وجل، إنهم بذلك يعلنون الحرب على رب العزة الملك الديان، الذي السماوات السبع والأرضون السبع في قبضة يمينه يوم القيامة يهزهن فيقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون؟ إنهم يتجاسرون على الملك الديان الذي وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم بما أخرج عنه مسلم في الصحيح، إن الله قيوم لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يرفع القسط ويخفضه، يرفع إليه أمر الليل قبل النهار وأمر النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشف الحجاب عن وجهه لحظة لأحرقت سبحات وجهه ما وصل إليه بصره من خلقه سبحان الملك الديان سبحانه وتعالى، عباد الله إن الله سبحانه وتعالى إذا خذل المصروفين عن سبيله سيتردون في هذا الإفك المبين، وبذلك لا يتورعون عن كذب، ولا يكفون ألسنتهم عن قول، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وقال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحيي فاصنع ما شئت"

إن الذين لا يستحيون من الله سبحانه وتعالى هم الذين يتجاسرون عليه بمثل هذا القول العظيم، ويتجاسرون على عباده المؤمنين بالطعن في أعراضهم والكلام فيهم بما ليس فيهم وهم يعلمون أنهم برآؤ منه وهم أبعد الناس عنه، لكنهم إنما يتملقون بذلك ويتخلقون لينالوا عرضا من هذه الدنيا الفانية، لا بارك الله لهم فيه، وهم يعلمون أنهم لن يبارك لهم فيه، إن الذين يتملقون بمثل هذا القول ويتقربون به لأوليائهم وطواغيتهم هم المحقورون المصروفون لا يباليهم الله باله، ولذلك فإن الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه (يؤفك عنه من أفك) ويقول (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا) وهم على ذلك يتكلمون في مسائل العلم، ويظهرون للناس بالمظاهر الخلابة على أنهم من المحامين عن الكتاب والسنة وعن مذاهب أهل العلم وعن الإمام مالك وعن غيره من أئمة الدين، و بذلك يتخلقون بما تخلق به أسلافهم السابقون، وقد أنزل الله فيهم (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جنهم ولبئس المهاد) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير