تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حَيْثُ جَاءَ بتَدَسُّسٍ إلى أمَّتِي بثِيَابِ التَّشْوِيْه العِلْمِيِّ ليَلْتَبِطَ بِخُطَاهُ فِي مَسَارِحِ الجَامِعَاتِ الإسْلامِيَّةِ؛ ليُفْسِدَ حَرْثَ مَا بَقِيَ مِنَ العِلْمِ الشَّامِلِ، ويَهْلِكَ نَسْلَ مَا بَقِيَ مِنَ العَمَلِ الكَامِلِ.

* * *

واعْلَمْ يَا رَعَاكَ اللهُ أنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ (الجَامِعِيَّ) قِسْمَانِ: مَحْمُوْدٌ، ومَذْمُوْمٌ.

* فأمَّا التَّخَصُّصُ المَحْمُوْدُ: فَهُو مَنْ جَمَعَ صَاحِبُه بَيْنَ القَدْرِ الوَاجِبِ مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ (الغَائِي مِنْها والآلِي) ()، وبَيْنَ التَّوَسُّعِ والتَّفَنُّنِ فِي عِلْمٍ مَّا.

وهَذَا؛ هُوَ الَّذِي أُتِيَ صَاحِبُه مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ نَصِيْبٌ وَافِرٌ تَبْرَأ بِه الذِّمَّةُ ويَسْقُطُ بِه الطَّلَبُ، مَعَ تَخَصُّصٍ وتَفَنُّنٍ فِي أحَدِ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ.

فَتَرَاهُ إذا كَانَ فَقِيْهًا (مَثَلاً): قَدْ أخَذَ مِنْ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ: القَدْرَ الوَاجِبَ الَّذِي يُسَاعِدُه عَلَى فَهْمِ دِيْنِه بعَامَّةٍ، وبالفِقْهِ بِخَاصَّةٍ، إلاَّ أنَّه مَعَ هَذَا قَدْ اجْتَهَدَ فِي فَنِّ الفِقْهِ، وبَرَّزَ فِيْه؛ حَتَّى عُرِفَ بِهِ ولُقِّبَ باسْمِه.

......................... فَقِسْ عَلَى قَوْلِي تَكُنْ عَلامةً!

ومِنْه تَعْلَمُ قَوْلَ المُتَقَدِّمِيْنَ: فُلانٌ أُصُوْلِيٌّ، فَقِيْهٌ، نَحْوِيٌّ، لُغَوِيٌّ، مٌفَسِّرٌ، مُحَدِّثٌ، قَارِئٌ، مُشَارِكٌ () ... إلَخْ.

* * *

* وأمَّا التَّخَصُّصُ المَذْمُوْمُ: فَهُوَ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ صَاحِبُه بَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، اللَّهُمَّ إنَّه تَوَسَّعَ وتَفَنَّنَ فِي عِلْمِ مَّا (الغَائِي مِنْها أو الآلِي)، دُوْنَ غَيْرِه مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ.

فَتَرَاهُ إذا كَانَ فَقِيْهًا (مَثَلاً): لَمْ يَأْخُذْ مِنْ عُلُوْمِ الآلَةِ، وعُلُوْمِ الغَايَةِ: القَدْرَ الوَاجِبَ الَّذِي يُسَاعِدُه عَلَى فَهْمِ دِيْنِه بِعَامَّةٍ، وبالفِقْهِ بِخَاصَّةٍ؛ بَلْ غَايَةُ مَا عِنْدَه أنَّه يُحْسِنُ مَسَائِلَ الفِقْهِ!

ومِنْه تَعْلَمُ قَوْلَ المُتَأخِّرِيْنَ: فُلانٌ أُصُوْلِيٌّ، فَقِيْهٌ، مُحَدِّثٌ، نَحْوِيٌّ، مٌفَسِّرٌ، قَارِئٌ، دَعَوِيٌّ، وَاعِظٌ ... إلخ، فَعِنْدَ ذَلِكَ كَانَ كَلامِي هُنَا عَنْ أصْحَابِ هَذَا التَّخَصُّصِ، فَكُنْ عَلَى ذُكْرٍ!

* * *

ومِنْ بَعْدُ؛ فإنَّ أصْحَابَ التَّخَصُّصِ العِلْمِيِّ (المَذْمُوْمِ) لَمْ يَنْفَكُّوا عَنْ أخْطَاءَ شَرْعِيَّةٍ وآثَارٍ سَيِّئَةٍ؛ قَدْ دَفَعَتِ الأمَّةَ الإسْلامِيَّةَ (لاسِيَّمَا هَذِه الأيَّامَ) إلى مَفَاوِزَ مُهْلِكَةٍ، ومَزَالِقَ عِلْمِيَّةٍ، يَكْفِي بَعْضُها لِمَسْخِ مَا بَقِيَ مِنْ تُرَاثِ أمَّتِنا الإسْلامِيَّةِ، فمِنْ ذَلِكَ:

أوَّلاً: أنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ الحَادِثَ بِقِسْمَيْهِ (الغَائِي والآلِي)، كَمَا هُوَ جَارٍ فِي خِطَّةِ تَعْلِيْمِ بِلادِ المُسْلِمِيْنَ الآنَ؛ قَدْ أخَذَ مُنْحىً خَطِيْرًا فِي تَقْطِيْعِ أوَاصِرِ التَّرَابُطِ بَيْنَ عُلُوْمِ الشَّرِيْعَةِ، وتَقْسِيْمِها إلى أجْزَاءَ عِلْمِيَّةٍ ومُتَفَرِّقَاتٍ مُتَنَاثِرَةٍ هُنَا وهُنَاكَ؛ لا يَجْمَعُها جَامِعٌ بَتَّةً؛ فَعِنْدَها كَانَ الأثَرُ السَّيِّئُ عَلَى الحَيَاةِ العِلْمِيَّةِ والأحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى طُلابِ العِلْمِ هَذِه الأيَّامَ.

يُوَضِّحُهُ؛ أنَّه لمَّا أزِفَتِ الآزِفَةُ، وأقْبَلَتِ الفِتَنُ فِي مَسَارِبَ مُهْلِكَةٍ، مُنْقَادَةً لتُعِيْدَها حَرْبًا صَلِيْبِيَّةً يَهُوْدِيَّةً عَلَى الإسْلامِ والمُسْلِمِيْنَ فِي بِلادِ فِلِسْطِيْنَ وأفْغَانِسْتَانَ والعِرَاقِ وغَيْرِها، وكَذَا مَا هُنَاكَ مِنْ هُجُوْمٍ سَافِرٍ عَلَى أخْلاقِ المُسْلِمِيْنَ، ومَنَاهِجِهِم الشَّرْعِيَّةِ، إلِى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَايا الأمَّةِ العَصْرِيَّةِ ... ونَحْنُ مَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ نَزَلْ نَرَى كَثِيْرًا مِنْ أرْبَابِ التَّخَصُّصِ يَعْتَذِرُوْنَ عَنْ تَخَاذُلِهِم وتَرَاجُعِهِم عَنْ عَدَمِ المُشَارَكَةِ فِي الذَّبِّ عَنْ قضايا أمَّتِهِم بِحُجَّةِ النَّزْعَةِ البَائِسَةِ الَّتِي رَاجَتْ فِي سُوْقِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير