تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحَسْبُكَ مِنْها: فُضُوْلُ النَّظَرِ، والكَلامِ، والطَّعامِ، والنَّوْمِ، ومُخَالَطَةِ النَّاسِ، فإنَّ التَّوَسُّعَ فِي هَذِه المُبَاحَاتِ بَرِيْدُكَ يَا طَالِبَ العِلْمِ إلى الانْقِطَاعِ أو الفُتُوْرِ، كَما أنَّها مُجْلِبَةٌ للمَعَاصِي!

فَيَا للأَسَفِ!؛ لَقَدْ تَوَسَّعَ كَثِيْرٌ مِنْ طُلابِ العِلْمِ مِنْ أهْلِ زَمَانِنا فِي فُضُوْلِ المُبَاحَاتِ؛ مِمَّا أبْعَدَهُم عَنِ التَّحْصِيْلِ، ورُبَّمَا انْقَطَعَ بِهِم الطَّلَبُ، وهُم بَعْدُ لَمْ يَتَغَرْغَرُوا بالعِلْمِ!

فالحَذَرَ الحَذَرَ يَا طَالِبَ العِلْمِ مِنْ فُضُوْلِ المُبَاحَاتِ، يَقُوْلُ ابنُ الجَوْزِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "واعْلَمْ أنَّ فَتْحَ بَابِ المُبَاحَاتِ رُبَّمَا جَرَّ أذَىً كَثِيْرًا فِي الدِّيْنِ! " ().

ويَقُوْلُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "إمْسَاكُ فُضُوْلِ النَّظَرِ، والكَلامِ، والطَّعامِ، ومُخَالَطَةِ النَّاسِ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ إنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى ابنِ آدَمَ، ويَنَالُ غَرَضَه مِنْه مِنْ هَذِه الأبْوَابِ الأرْبَعَةِ! " ().

وقَالَ أيضًا رَحِمَهُ اللهُ: "قَسْوَةُ القَلْبِ فِي أرْبَعَةِ أشْيَاءٍ إذَا جَاوَزَتْ قَدْرَ الحَاجَةِ: الأكْلُ، والنَّوْمُ، والكَلامُ، والمُخَالَطَةُ! " ().

* * *

ومَا أحْسَنَ هَذِه النَّصِيْحَةَ السَّنِيَّةَ إذْ يَقُوْلُ فِيْهَا ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "قَالَ لِي شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ فِي شَيْءٍ مِنَ المُبَاحِ: هَذَا يُنَافِي المَرَاتِبَ العَالِيَةَ، وإنْ لَمْ يَكُنْ تَرْكُه شَرْطًا فِي النَّجَاةِ" ().

وأخْتِمُ بِهَذِه النَّصِيْحَةِ مِنْ قَوْلِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: "كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَبَ العِلْمَ؛ لَمْ يَلْبَثْ أنْ يُرَى ذَلِكَ فِي تَخَشُّعِهِ، وبَصَرِه، ويَدِه، وصَلاتِه، وزُهْدِه، وإنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيْبَ البَابَ مِنْ أبْوَابِ العِلْمِ فَيَعْمَلَ بِه؛ فَيَكُوْنَ خَيْرًا لَه مِنَ الدُّنْيا ومَا فِيْها" ().

* * *

كَما أضِفْ هُنَا أنَّ بَرْنامَجَنا فِي (المَنْهَجِ العِلْمِيِّ)، كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى طَرِيْقَةٍ خَاصَّةٍ مَعَ طُلابِنا (لَيْسَ إلاَّ!)، لِذَا لمَّا لَمَسْنا ثَمَرَتَه عَلَى طُلابِنَا، وتَنَافُسَهُم فِيْه، أرْتَأيْنا نَشْرَهَا لعُمُوْمِ الفَائِدَةِ لَدَى أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ؛ عَلَّهَا تَنْشُرُ مَوَاتَ أفْئِدَةٍ أُخْرَى رَانَ عَلَيْها الجَهْلُ، واسْتَعْبَدَتْهَا لُعَاعَةٌ مِنْ دُنْيا زَائِلَةٍ، واللهُ المُوفِّقُ والهادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ.

وخِتَامًا؛ فَقَدْ ألْقَى القَلَمُ عَصَاهُ، واسْتَقَرَّ بِه النَّوَى، فَمَا أجَادَ بِه فَمِنْ فَضْلِ رَبِّي، ومَا أخَطأ فِيْه فَمِنِّي والشَّيْطَانِ، واللهُ ورَسُوْلُه مِنْه بَرِيْئانِ!

والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ

الإجَازَاتُ العِلْمِيَّةُ

الحَمْدُ للِه الَّذِي حَمَا حِمَى هَذِه الشَّرِيْعَةِ الغَرَّاءِ، بِأئِمَّةٍ أمْجَادٍ، قيَّدُوا شَوَارِدَهَا وجَمَعُوا أوَابِدَهَا بِسَلاسِلِ الإِسْنَادِ؛ فَتَمَّتْ الهِدَايَةُ بِاتِّصَالِ الرِّوَايَةِ، وكَمُلَتْ العِنَايةُ بِبِلُوْغِ الغَايَةِ مِنَ الدِّرَايَةِ، وصَارَتْ الأسَانِيْدُ المُتَّصِلَةُ لِمَعَاهِدِ العُلُوْمِ كَالأنْوَارِ، ولِمَعَالِمِ المَعَارِفِ كَالسِّوَارِ، يَرْوِيْهَا الأكَابِرُ عَنِ الأَكَابِرِ، ومِنْهُ أضْحَى الإِسْنَادُ مِنَ الدِّيْنِ.

والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ، وخَاتِمِ الأنْبِيَاءِ والمُرْسَلِيْنَ، وعَلَى آلِهِ، وصَحْبِهِ الغُرِّ المَيَامِيْنَ، ومَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّيْنِ، أمَّا بَعْدُ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير