كَمَا أنَّ مَنْ قَرَأ "العَقِيْدَةَ الوَاسِطِيَّةَ" لابنِ تَيْمِيَّةَ، فَيُجَازُ فِيْها، وكَذَا في كِتَابِ الحَمَوِيَّةِ، ومَنْ قَرَأهُما مَعَ "الرِّسَالَةِ التَّدْمُرِيَّةِ" فيُجُازُ في كُتُبِ شَيْخِ الإسْلامِ إجَازَةً عَامَّةً، وهَكَذا غَيْر مَا ذَكَرْنَا مِنْ كُتُبِ أهْلِ العِلْمِ ().
* * *
ومَعَ كُلِّ هَذَا؛ فإَنَّي لَسْتُ مِنْ فُرْسَانِ هَذَا المَيْدَانِ، ولا مِمَّنْ لَهُ فِي السِّبَاحَةِ يَدَانِ، لَكِنْ تَحْقِيْقًا لِظَنِّ طُلابِ العِلْمِ، كَمَا اشَّتَرَطَهُ عَلَيْنا شُيُوْخُنا؛ لاسِيَّما شَيْخُنا الأرْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ الَّذِي طَلَبَ منَّا وهُو في مَرَضِ المَوْتِ أنْ نُسَهِّلَ في الإجَازَةِ ولا نُعَسِّرَ، فَرَحِمَهُ اللهُ، وطَيَّبَ بالرَّحْمَةِ ثَرَاه؛ آمِيْن!
فِي حِيْنَ أنَّنا إذَا نَظَرْنا إلى الإجَازَاتِ هَذِه الأيَّامِ نَجِدُ أكْثَرَ مُرِيْدِيْها وطُلابِهَا مِنْ أهْلِ الأهْوَاءِ والبِدَعِ، فَكَانَ لِزَامًا عَلَيْنا أنْ نَأخُذَها مِنْهُم كَرْهًا، وأنْ تُعْطَى لأهْلِ السُّنَّةِ؛ فَهِي مِنْهُم بَدَأتْ وإلَيْهِم تَعُوْدُ.
وإِذَا أَجَزْتُ مَعَ القُصُوْرِ فَإِنَّنَي أَرْجَو التَّشَبُّهَ بِالذِيْنَ أَجَازَوا
السَّالِكِيْنِ إِلى الشَّرِيْعِةِ مَنْهَجًا سَبِقُوا إِلى غُرَفِ الجِنَانِ فَفَازُوا
واللهَ أَسْألُ لَنَا ولَكُمُ الإِخْلاصَ فِي القَوْلِ والعَمَلِ آمِيْنَ
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ، وعَلى آلِهِ، وصَحْبِهِ أجْمَعِيْنَ
وكَتَبَه
ذِيَابُ بنُ سَعْدٍ آلِ حَمْدَانَ الغَامِدِيُّ
الخَاتِمَةُ
وقَبْلَ أنْ أطْوِيَ بِسَاطَ (المَنْهَجِ العِلْمِيِّ)، وقَبْلَ أنْ أرْفَعَ القَلَمَ عَنْ تَرْسِيْمِ مَنَارَاتِه؛ كَانَ حَقًّا أنْ نَجُرَّ ذَيْلَ التَّوَاصُلِ بَيْنَنا فِي ثَوْبِ النَّصِيْحَةِ؛ عَسَانا نَضَعُ عَنَّا بَعْضَ مَا هُنَالِكَ مِنْ آثَامٍ تَرَكَتْها الأمَّةُ فِي مَنَاقِعَ وَحْلَةٍ، وأنْقَابٍ مُنْسَرِبَةٍ؛ يَوْمَ تَمَطَّى البَاطِلُ بكَلْكَلِهِ، واسْتَأسَدَ الكَافِرُ بِصَلْصَلِهِ؛ لِيَقْضِيَ أمْرًا كَانَ مَفْعُوْلاً، فَعِنْدَها اسْتَوْسَعَ الوَهْيُ، واسْتَنْهَرَ الفَتْقُ، كُلُّ ذَلِكَ ليَأْخُذَ فِي دَرْسِ مَا بَقِيَ مِنْ رُسُوْمِ العِلْمِ، وتَحْرِيْفِ هُوِيَّةِ الإسْلامِ العَالِقَةِ فِي ذَاكِرَةِ التَّارِيْخِ!
* * *
لأجْلِ هَذا؛ حُمِّلْتُ أمَانَةَ القَلَمِ مَا دُمْتُ قَدْ نَصَّبْتُ نَفْسِي للدِّفَاعِ عَنْ أُمَّتِي دِفَاعًا لا أتَلَجْلَجُ فِيْه ولا أُحْجِمُ مَا اجْتَمَعَ قَلَمِي بالأنَامِلِ، وجَرَى مِدَادِي بالكَاغَدِ.
* * *
فَظَنِّي وظَنُّكَ بأنَّه زَمَنُ الإنْكِسَارَاتِ، وقَرْنُ العَشَاوَاتِ والشَّارَاتِ ... لِذَا فَقَدْ حَصْحَصَ للنَّصِيْحَةِ وَقْتُها، واسْتَوْجَبَ فِي هَذَا (المَنْهَجِ العِلْمِيِّ) بَثُّها، بأنْ أصْدَعَ بالحَقِّ جِهارًا فِي غَيْرِ جَمْجَمَةٍ ولا إدْهَانٍ، ولأصْرِفَ عَنْ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ دُخُوْلاتِ العِلْمِ وأُغْلُوْطَاتِه، وذَلِكَ فِي كَشْفِ حَقَائِقَ مِنَ الدِّيْنِ مَعْلُوْمَةً، ومِنَ العِلْمِ مَعَالِمَ مَوْسُوْمَةً!
* * *
وهُوَ أنَّ مُقْتَضَى العِلْمِ العَمَلَ، فَهُما مُتَلازِمَانِ مُتَآلِفَانِ، وإلاَّ عَادَ العِلْمُ عَلَى صَاحِبِه وَبَالاً ونَكَالاً (عَوْذًا باللهِ)، وبِمَا أنَّ طَالِبَ العِلْمِ مُسْتَوْدَعُ العِلْمِ، ومَرْجِعُ الفَهْمِ؛ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْه أنْ يَمُدَّ للْعِلْمِ حِبَالَ العَمَلِ، مَا اسْتَوْثَقَ الحَقُّ بأهْلِه.
* * *
أمَّا إنْ سَألْتَ أخِي طَالِبَ العِلْمِ عَنْ فَرْضِ الوَقْتِ، ومَبَاغِي العِلْمِ ومُقْتَضَيَاتِه الآنَ: فَهُو دَفْعُ العَدُوِّ الصَّائِلِ عَنِ الحُرْمَةِ والدِّيْنِ، لأنَّه وَاجِبٌ إجْمَاعًا، فالعَدُوُّ الصَّائِلُ الَّذِي يُفْسِدُ الدِّيْنَ والدُّنْيا لا شَيْءَ أوْجَبَ بَعْدَ الإيْمَانِ مِنْ دَفْعِه!
¥